صنعاء تحبط تمرّد البيضاء

قضى الجيش اليمني واللجان الشعبية على التمرّد الذي قاده الأمين العام المساعد لحزب «المؤتمر الشعبي العام» ياسر العواضي، أمس، في مديرية ردمان في محافظة البيضاء، في عملية لم تستغرق سوى بضع ساعات. وقد شاركت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية بكثافة في العمليات العسكرية التي قادها العواضي، في محاولة لقطع الإمدادات عن قوات صنعاء، التي تحرّكت باتجاه المحافظة للقضاء على التمرّد.
بحسب مصادر مطّلعة في صنعاء، فإن التمرّد هدف إلى إشغال الجيش عن جبهته الرئيسية في مدينة مأرب التي باتت بحكم الساقطة عسكرياً. استغلّ العواضي حادثة مقتل امرأة، تدعى جهاد الأصبحي، في مديرية الطفة بمحافظة البيضاء، على يد القوى الأمنية التابعة لحكومة الإنقاذ في صنعاء، أواخر نسيان/أبريل الماضي، دعا على إثرها القبائل إلى ما يسمّى «النكف» (أي الدعوة إلى الحرب).
في التفاصيل، فإن عناصر تنظيم «القاعدة» نفذوا كميناً لعدد من أبناء البيضاء المنتسبين إلى الجيش واللجان الشعبية ما أدّى إلى سقوط ستة شهداء. وقد حصلت الأجهزة الأمنية على معلومات مفادها أن العناصر المتورّطين في هذا الكمين متواجدون في بيت والد زوج المرأة المقتولة وعمّها المدعو حسين محمد الأصبحي، مع العلم أن العديد من أقرباء الضحية ضباط في قوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، ويخدمون في محور البيضاء. وتبيّن أن خال المرأة عنصر في «القاعدة»، وكان ضمن المجموعة التي نفّذت الكمين والتجأ مع مجموعته إلى المنزل المذكور. وبناءً على المعلومات، تحرّكت مجموعة من الأطقم الأمنية لاعتقال العناصر المتورّطين في الكمين، وبمجرّد وصول قوات الأمن تم إطلاق النار على أفرادها مباشرة، ما أدى إلى سقوط شهيد وثلاثة جرحى، فحصل تبادل لإطلاق النار. وبعد السيطرة على الوضع، تم العثور على المرأة مقتولة داخل البيت الذي تحصّن فيه أولئك العناصر، وبحسب شهود عيان فإن المرأة قاتلت حتى قُتلت. وفور وقوع الحادثة، قادت الجهات الرسمية ووجهاء وزعماء القبائل في المحافظة حواراً من أجل «وأد الفتنة»، متبعين ما يسمى بالعرف القبلي «بنادق التحكيم». وتشكّلت إثرها لجنة رسمية للتحقيق في القضية، يشارك فيها مندوب من أهل المرأة الضحية، ويكون ما تخرج به ملزماً للجميع.
تصدّر ياسر العواضي، وهو يعتبر، بالإضافة إلى كونه مسؤولاً مؤتمرياً، أبرز مشايخ قبيلة آل عواض في منطقة ردمان، ودعا إلى تحرّك قبلي في البيضاء مطالباً بتسليم العناصر الأمنيين إلى القبائل. اعتبرت صنعاء أنه من غير الجائز أن ينظر إلى الحادثة من جانب واحد، بحيث تسلّم القوى الأمنية الرسمية قتلة الأصبحي، فيما قتلة الشباب الستة طلقاء من دون أن تطاولهم يد القانون. سريعاً طوّر العواضي موقفه بالدعوة إلى «النكف»، من خلال تحشيد القبائل ضد حكومة صنعاء، ولا سيما بعض قبائل مأرب ويافع الخاضعتين لسيطرة تحالف العدوان. وقد لاقت القوى المحلية التابعة لحكومة هادي ودول التحالف العواضي في منتصف الطريق، من خلال الدعم الإعلامي والمالي والاستعداد لتقديم الدعم العسكري إن استمرّ الرجل في تمرّده على حكومة صنعاء. وأبرز هؤلاء المسؤولين مستشار هادي، أحمد بن دغر، الذي قال: «يجب أن يكون الجيش جاهزاً لدعم الانتفاضة، ودعم الشيخ ياسر العواضي في البيضاء وتوحيد الصفوف لهزيمة الحوثيين». وقد راهنت قوى العدوان على قدرة العواضي على إدارة المعركة ضد صنعاء، بما يؤدي إلى خلق انتفاضة قبلية شاملة، تتمكّن من الاستيلاء على محافظة البيضاء. وبدا على تصرّفات العواضي تغيّر لافت وتحوّل قرّبه أكثر من قوى العدوان، على رغم نهجه الحذر وتموضعه السياسي المحايد بعد أحداث كانون الأول/ديسمبر 2017، والتي أسفرت عن مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح. خلال الشهرين الماضيين، تنقّل العواضي بين المخا ومأرب، حيث أجرى لقاءات مع رئيس أركان قوات هادي، اللواء المؤتمري صغير بن عزيز، والمحافظ سلطان العرادة، وآخرين. وفي المخا، على الساحل الغربي، التقى العواضي طارق صالح، قائد ما يسمّى «حرّاس الجمهورية» (المحسوبة على الإمارات رغم ضعف الكيمياء بين الطرفين)، وتمحورت تلك اللقاءات على كيفية إيصال الإمدادات العسكرية إلى داخل محافظة البيضاء بالتزامن مع تفعيل محور العدوان في المحافظة.
فقد العواضي، في الأخير، ورقة قضية الضحية الأصبحي، ولم تعد تصلح شعاراً يتحرّك من خلاله مع القبائل، بعد أن باتت القضية بيد القضاء ورضي شيوخ القبائل بمسار التحقيقات القضائية. وقد ذكر نشطاء أن العواضي أرسل عائلته إلى القاهرة بعد شراء فيلا من قبل وسطاء قريبين من التحالف، بالإضافة إلى تلقّيه ملايين الدولارات. تعزو مصادر صنعاء توقيت تحرّك العواضي إلى هدف تخفيف الضغط عن مدينة مأرب التي باتت على وشك السقوط. إذ مع إعلان الرجل ما سمّاه «فزعة قبلية»، خصّ بالذكر القبائل التي تجاوبت معه من مأرب والبيضاء وشبوة، وحرّك قواته العسكرية للسيطرة على مديرية ردمان في البيضاء، فيما شنت طائرات العدوان عشرات الغارات على مواقع الجيش واللجان مستهدفة بشكل أساسي طرق الإمداد. غير أن القبائل، وبالتحديد قبائل البيضاء، رفضت الاستجابة لدعوات الحرب، ولم يخرج مع العواضي سوى بعض المقرّبين. ومساء، الجمعة نجح الجيش واللجان في بسط السيطرة على كامل مديرية ردمان ومداهمة منزل الأخير، فيما أفادت مصادر بأن العواضي تنكّر أثناء فراره من البيضاء إلى مأرب التي قيل إنه وصلها ليلاً.

 

(لقمان عبدالله - الأخبار)

آخر الأخبار