تصعيد عسكري بعد «هدنة كورونا»: عودة المسيّرات اليمنية

توازياً مع استمرار الجمود في الاتصالات السياسية، والتي قال عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء محمد علي الحوثي، قبل أيام، إنها «لا ترتقي إلى مستوى التفاوض»، يعود التصعيد الميداني ما بين الجيش اليمني واللجان الشعبية والتحالف الذي تقوده السعودية. تصعيدٌ يعقب بأيام انتهاء الهدنة التي كان قد أعلنها التحالف في الثامن من نيسان/ أبريل الماضي لمدّة أسبوعين، ومدّدها في الـ 24 منه لمدّة شهر، من دون أن يلتزم بمتطلّباتها وفق ما تؤكّد حركة «أنصار الله».
وأعلن المتحدث باسم الجيش واللجان الشعبية، يحيى سريع، أمس، تنفيذ سلاح الجوّ المسيّر «عملية واسعة» ضدّ «مرابض الطائرات ومخازن التسليح وأهداف عسكرية حساسة أخرى في خميس مشيط (منطقة عسير جنوب السعودية) بخمس طائرات مسيّرة من نوع K2». وأضاف سريع إن «الإصابة كانت دقيقة»، مشيراً إلى أن هذه العملية تأتي «ردّاً على التصعيد الجوّي للعدوان، وعلى مجازره المستمرة». وجاء استهداف خميس مشيط بعد ساعات من ارتكاب طيران التحالف مجزرة في مديرية شدا بمحافظة صعدة، حيث استهدف سيارة مدنية ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.
المفارقة أن المجزرة الجديدة ارتُكبت في وقت كان فيه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يعلن إزالة التحالف من «قائمة قتل وتشويه الأطفال» بدعوى تطبيقه إجراءات استهدفت حمايتهم. وهو ما أدرجته حكومة الإنقاذ في صنعاء في إطار «سياسة المصالح»، عادّةً إياه «استجابة للضغوط السعودية المتكرّرة على الأمم المتحدة، والتي وصلت إلى حدّ التهديد بإيقاف تمويل المنظمة»، على حدّ تعبير وزير خارجية «الإنقاذ» هشام شرف.
وبالعودة إلى استهداف خميس مشيط، فقد اعترف التحالف، على لسان المتحدث باسمه تركي المالكي، بإطلاق الطائرات المسيّرة باتجاه منطقة عسير، لكنه قال إنه تمّ اعتراضها وإسقاطها، مُحمّلاً «أنصار الله» مسؤولية إفشال ما سمّاها «المبادرات التي قدّمها التحالف»، وكذلك «الجهود الأممية لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد والوصول إلى حلّ سياسي شامل». اتهامٌ تضعه قيادة صنعاء في خانة التضليل؛ كون «تحالف العدوان أعلن وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد للاستهلاك الإعلامي والتسويق السياسي»، فيما «نحن نقدّم المبادرات، وقدّمنا أيضاً الحلول الحقيقية والواقعية وهم يرفضون تنفيذها»، بحسب محمد علي الحوثي، الذي كان يشير بذلك إلى «وثيقة الحلّ الشامل» التي تقدّمت بها «أنصار الله» في نيسان/ أبريل الماضي. لكن، و«في ظل إصرار تحالف العدوان على شنّ الغارات وارتكاب الجرائم وتشديد الحصار»، وفق توصيف الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، «فإن شعبنا اليمني يؤكد مضيّه قدماً في معركة الدفاع عن كرامته وسيادة بلده... حتى ردع المعتدين ودفعهم إلى وقف عدوانهم وحصارهم»، كما قال عبد السلام في تعليقه على عملية خميس مشيط.
وكانت السعودية قد حاولت اقتناص الفرصة التي وفّرتها دعوة الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار في اليمن للتفرّغ لدرء خطر وباء «كورونا» عن هذا البلد. ومن هنا، جاء إعلانها في نيسان الفائت هدنة من طرف واحد، استبطنت سعياً للتخفّف مؤقتاً من أعباء الحرب في ظلّ التداعيات التي خلّفها الوباء ومعه حرب أسعار النفط، فضلاً عن استمرار العجز عن تحقيق إنجاز على الجبهة اليمنية. ولذا، لم تجد «أنصار الله» في الخطوة السعودية إلا «تدليساً وتضليلاً» و«مناورة مكشوفة ومفضوحة»، معتبرة أنه «لو كان ثمة توجّه جادّ نحو السلام لأصدر مجلس الأمن الدولي قراراً صريحاً بإيقاف الحرب العبثية ورفع الحصار الجائر». وهو تقديرٌ جاءت التطورات اللاحقة لتثبت صحّته، إذ على رغم إعلان الهدنة ومن ثمّ تمديدها استمرّ التصعيد جوّاً وبراً من قِبَل التحالف، ليبلغ إجماليّ عملياته منذ 9 نيسان/ أبريل وحتى 12 حزيران/ يونيو «أكثر من 145 هجوماً وتسلّلاً، وأكثر من 2041 غارة» بحسب القوات المسلّحة اليمنية. ووقعت أحدث تلك الغارات أمس باستهداف طيران العدوان محيط مطار صنعاء الدولي بثلاث ضربات، ومنطقة بيت عذران في مديرية بني مطر (في العاصمة أيضاً) بأخرى رابعة.

آخر الأخبار