خاص | هل يمكن لليمن التعايش مع كورونا؟

إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | كانت اليمن على موعد مع اختبار صعب جديد يتزامن مع اختبار الصمود ومقاومة العدوان والحفاظ على الكرامة والاستقلال الوطني، وهو اختبار دخول وباء فيروس كورونا اليها وتوارد التقارير عن انتشاره في اماكن عدة.
وقد أكدت منظمة أطباء بلا حدود الدولية، صعوبة تحديد مدى تفشي فيروس كورونا في اليمن، بسبب ضعف قدرة المنشآت الطبية، في البلد الذي يشهد (صراعا مسلحا) للعام الخامس تواليا.
وبالطبع لم تذكر المنظمة ان اليمن يتعرض لعدوان غاشم، الا انها رصدت في نطاق تخصصها الطبي، وقالت نا أعلن رسميا عن 85 حالة إصابة بكوفيد-19، ووفاة 12 شخصا​​، وعقبت بالقول انه، و"نظرا لأن القدرة على إجراء فحوص كشف كوفيد-19 في اليمن محدودة للغاية، فمن المستحيل معرفة المدى الكامل لانتشار الفيروس".
وتفيد التقارير لأن الاصابات الـ 85 المؤكدة بفيروس كورونا تتوزع في مناطق سيطرة حكومة هادي، بـ 48 حالة في عدن، بينها 5 وفيات، و13 حالة في محافظة حضرموت، بينها حالة وفاة وأخرى تعافي، و13 أخرى في محافظة لحج، بينها 4 حالات وفاة، و4 حالات في محافظة تعز، بينها وفاة واحدة، و3 حالات في محافظة الضالع، و4 حالات في كل من محافظات مارب وأبين والمهرة وشبوة.
وتضاف إلى تلك الإصابات، حالتان أعلنت جماعة أنصار الله تسجيلهما الأسبوع الماضي في العاصمة صنعاء، إحداهما حالة وفاة، ليبلغ إجمالي الحالات المؤكدة في اليمن 87 حالة بينها 13 وفاة.
وعن الامكانات الصحية، تقول منظمة "أنقذوا الأطفال" إن البلد يملك 500 جهاز تنفس، وأربعة مختبرات فقط هي التي تستطيع إجراء فحوص اكتشاف الإصابة بالفيروس.
هذا الوضع الصعب يمكن ان يزداد صعوبة بالنظر الى مستقبل الوباء عالميا، حيث الدراسات والتصريحات تذهب الى عدم وجود احتمالات قريبة للقضاء على الجائحة، وكان مايكل ريان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية قد اصدر بيانا تحذيريا بأنه من المحتمل ألا يختفي ذلك الفيروس الوبائي فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 وأن يبقي للأبد.
حبث حذر المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، بأن من المقترح أن يتم انضمام فيروس كورونا ضمن أنواع الفيروسات الأخرى التي تكون قاتلة للبشر في جميع أنحاء العالم في كل عام.
كما أوضح ريان أن ذلك الفيروس الوبائي فيروس كورونا يمكن أن يتحول إلى مرض يعيش في المجتمعات العالمية.
وبالعودة لليمن، فقد أفادت تقارير اخرى بتسجيل زيادة كبير في عدد الوفيات الناتجة عن ظهور أعراض تشبه فيروس كورونا في مدينة عدن جنوبي اليمن.
وقالت منظمة "أنقذوا الأطفال"، مستشهدة بإحصائيات رسمية، إن الأسبوع الماضي شهد تسجيل نحو 380 حالة وفاة.
وثمة مخاوف من أن يكون عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا أعلى بكثير من عشرات الحالات التي تأكدت إصابتها.
والسؤال الان، هل يستطيع اليمن بظروفه الراهنة مواجهة انتشار المرض وعلاج المصابين؟ وبفرض ان المرض سيصبح مرضا مزمنا وليس امام المجتمعات الا التعايش معه، فهل يمكن لليمن التعايش مع كورونا؟
بالنسبة للسؤال الاول: فمن الصعب جدا مواجهة انتشار الفيروس بالامكانات الصحية والاقتصادية الراهنة وخاصة في ظرف الحصار واستمرار العدوان والذي تسبب في نشر اوبئة تكاد تكون انقرضت مثل الكوليرا.
اما عن التعايش فمن الصعب ايضا، حيث التعايش يتطلي امكانيات واجراءات يصعب فرضها، مثل التباعد الاجتماعي والحد من التزاحم، واستبدال خدمات التعامل المباشر مع الجمهور بالخدمات الالكترونية مثل البريد والبنوك وتوفير الحجز المسبق إلكترونيًا، وتشجيع الدفع الإلكتروني وخدمات الشراء الالكتروني والدليفري، والتزام المنشأن بالتوعية واجراءات السلامة وتوفر الكمامات والمطهرات وغيرها من وسائل الوقاية.
ان كان للعدوان ومقاومته علاقة بالسياسة، ويمكن للمعتدين والمتواظئين اختلاق المبررات والذرائع لتمريره واضفاء الشرعية عليه، فإن الوباء لا يمتلك هذا التصنيف السياسي، ولا يمكن الصمت تحت اي بند على ترك اليمن فريسة له.
انها مسؤولية عالمية تحتم فك الحصار عن اليمن ووقف العدوان بشكل فوري والسماح بالمساعدات الطبية وتر تيب الاوضاع الداخلية لتفادي اكبر قدر ممكن من الضرر والانتشار.
ان عدد الاصابات الرسمية وان كانت قليلة فإن نسبة الوفيات بها مرتفعة للغاية، فما بالنا لو كانت الاعداد اكبر والوفيات بسبب كورونا اكبر من المعلن!
قد يكون من غير المنصف تحميل اي طرف مسؤولية انتشار او دخول الوباء لليمن، في ظل عدم توفر دلائل موثقة، ولكن ترك اليمن بوضعه الراهن، هو جريمة يتحملها العالم بأسره الى جانب العدوان ومن يقف وراءه بالدعم او التواطؤ او حتى الصمت.

راصد اليمن | خاص 

آخر الأخبار