بعد أميركا و«اسرائيل».. حملة لمقاطعة البضائع السعودية

بدايةً، لا بد من لمحة قصيرة حول سياسة مقاطعة البضائع لدولة ما، ونتائجها الإقتصادية على المقاطَع. تعد المقاطعة أسلوب سياسي للضغط على جهة معينة من أجل تحقيق هدف محدد، وعلى مر التاريخ حصلت مقاطعات عدة لقيت نتائج إيجابية وخسائر بمليارات الدولارات تكبدت بها الدولة المستهدفة، والتي وصلت مثلاً الى 90 مليار دولار في "اسرائيل" عام 1999 بعد مقاطعة الدول العربية لمنتجاتها.

ومع ترجيح كفة الميزان في الصراعات الإقليمية لجهة معينة، يلجأ البعض، وخاصة أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى "ثغور القتال" أو ممارسة الحرب المباشرة، إلى وسائل احتجاج وضغط أخرى، تعبيراً عن رفضهم لسياسية الآخر، وذلك بمقاطعة منتجاته.
وفي هذا السياق، أطلق ناشطون عرب على مواقع التواصل الإجتماعي حملة بعنوان "قاطعوا البضائع السعودية"، تعبيراً منهم عن رفض السياسية السعودية عامة، و"تضامنًا مع الشعوب العربية المظلومة من آل سعود، الذين قتلوا وموّلوا الإرهاب وارتكبوا المجازر"، لا سيما فيما يتعلق بالصراع الحالي مع اليمن، وعدوان عاصفة الحزم الأخير.
ومن بين العبارات التي أُطلقت في سياق نشر الهاشتاغ (#قاطعوا_البضائع_السعودية): قاطع "لأجل الطفل الذي تنحره آلة الحرب السعودية"، "لأجل العائلة التي تُقتل بنيران جيران السوء". كما نشر بعضهم مناشدات تطالب "بموقف عربي شعبي جريء في مواجهة الحصار والقتل والإرهاب الذي تمارسه آلة الشر السعودية ضد الشعب اليمني".
وتأتي هذه الحملة بالتزامن مع مظاهرات في بلدان عربية وأجنبية رافضة للعدوان السعودي على اليمن، وتضامنًا مع الشعب اليمني المظلوم. الهدف كما هو واضح يتمثل في الضغط على الشركات السعودية لتعريض  بضائعها للكساد، الأمر الذي سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة إذا ما نجحت المقاطعة. والمفارقة هنا، أنّ هذه الحملة العربية الأولى من نوعها، التي تستهدف بلدًا عربيًا، بعد الحملات التي أطلقت سابقًا تجاه دول أجنبية، ليظهر التشابه الواضح بين ردة الفعل الشعبية على العدو الأكبر "إسرائيل"، وعلى سياسة السعودية اليوم. في محاولةٍ منهم لتبيان أن العدوان واحد متشابه، وان السعودية أصبحت الثانية على لائحة الأعداء بعد العدو الصهيو-أميركي.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن الاقتصاد السعودي مرتبط باقتصاد عالمي، وينتظم كل ذلك في شبكة دولية من المصالح المتبادلة مع الدولة العربية، مما يجعل من الصعب، إذا ما تم تنظيمه، أن توجه للسعودية ضربة من خلال مقاطعة شعبية لمنتجاتها، خاصة ما لم يكن ذلك باستعمال سلاح النفط تحديداً، فإنه قد يكون متعباً وهدرًا للجهد والطاقة، ثم قد يأتي بنتائج عكسية.
كما أن مشروع المقاطعة يفرض أن يتجنب المستهلك جميع المنتجات السعودية، فإن تجنب بعضها واستعمل بعضها الآخر، كان ذلك تناقضاً يدل على عدم نجاح المشروع نظرياً، مما يجعله مشروعًا ذا مقومات صعبة للنجاح.
وفي تقرير أعده الدكتور جون ديوك انطوني، رئيس المجلس القومي حول العلاقات الأميركية - العربية، وأمين سر لجنة التعاون المؤسسي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في واشنطن، لفت انطوني إلى وسيلتين رئيسيتين تؤديان إلى تعزيز الدعوة للمقاطعة، وهما "الخطب الدينية الأسبوعية في المساجد"، و"المحاضرات اليومية". ويوضح التقرير أن هذه الوسيلة مؤثرة ومرشحة لبلوغ هدفها المحدد، وهو إشعارٌ للدولة التي تتم مقاطعتها لإيقاف  جرائمها، مما قد يؤدي إلى مراجعة حساباتها ملياً فيما تقوم به.
ومما لا شك فيه أن الشعوب العربية لو تواطأت على مقاطعة المنتجات، فإنّ ذلك من شأنه دفع هذه الدولة المعتدية الى وقف اعتدائها. ولإنجاح المشروع، يجب أن يكون وسيلة تعبير ترسل رسالة عالمية مدوية، وهذا إنما يحصل بمقاطعة غالب المنتجات المنتشرة شعبيًا، والتي من شأنها أن تتحول مقاطعتها إلى قضية رأي عام، تنتشر في وسائل الإعلام سريعاً، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، فتوصل رسالة إعلامية سياسية احتجاجية ضاغطة.
(موقع سلاب نيوز)

آخر الأخبار