عامان على بداية التفاوض اللامجدي: الحرب مستمرة

في ذكرى مرور عامين على الجولة الأولى للمشاورات اليمنية «الفاشلة»، برعاية الأمم المتحدة، تتصاعد حدّة الاشتباكات في عدد من الجبهات اليمنية، وخاصة في محافظة تعز، في وقت لا تزال فيه عدن تعاني تحت وطأة الظلام الفعلي المتمثل بأزمة الكهرباء، والفكري مع اتساع نفوذ الجماعات المتشددة واستمرار مسلسل الاغتيالات بين الفصائل التي لم تعد تدعي أصلاً صدق «وحدتها» تحت جناح تحالف العدوان بقيادة السعودية.

ففي حزيران 2015، نجحت الأمم المتحدة في إقناع اليمنيين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكنها أخفقت في وضع حد، أو حتى كبح، العدوان السعودي ــ الإماراتي.
بعد عامين، وفي ظل ما يوصف بأنها أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية (وخاصة مع انتشار الكوليرا والمجاعة)، لم تنجح المنظمة الدولية خلال الشهور الماضية، وضمن أكثر من محاولة يائسة، في إقناع أي طرف بالجلوس أو حتى الوقوف والتفاوض، وخاصة مع تشديد صنعاء على افتقادها الشعور بالدور الحيادي لوسطاء كثيرين في الأزمة.
ورغم تأكيد البرلمان الأوروبي، في بيان يوم أمس الخميس، أنه «لا حل عسكرياًَ في اليمن»، وأن الأزمة «يمكن إنهاؤها بعملية تفاوض شاملة يقودها اليمنيون، وتشارك فيها الأطراف المعنية كافة... دون وضع شروط مسبقة»، يتواصل النزال في الميدان إلى أن يعلن الهازم والمهزوم، إذ شهدت الأيام الماضية اشتعال عدد من الجبهات التي تتواجه فيها القوات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، المدعومة من طيران تحالف العدوان، مباشرة مع الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» الموالية لحركة «أنصار الله».
واحتدمت المعارك المتواصلة منذ فجر الأربعاء، بين قوات هادي، في القصر الجمهوري شرقي مدينة تعز، وتبتي الخلوة والسوداء في الربيعي غربيها. ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر ميدانية موالية لهادي مقتل «18 جندياً من أفراد اللواء 22 ميكا في معارك (الخميس) في القصر الجمهوري، وجرح ما يزيد على 20 آخرين».
وأكدت المصادر نفسها انسحاب القوات المدعومة من «التحالف» و«المكونة من أفراد اللواء 17 مشاة ومجاميع مسلحة من كتائب حسم، صباح الأربعاء من المواقع التي كانت مسيطرة عليها يوم الثلاثاء، في تبتي الخلوة والسوداء، بسبب كثافة القصف الذي تعرضت له من مواقع قوات الانقلابيين»، في إشارة إلى «أنصار الله» والقوات المتحالفة معها، التي تمكنت من استعادة المناطق التي كانت تسيطر عليها غرب تعز.
ووفق مصدر عسكري مطلع، فإن سبب انسحاب القوات وإخفاق العملية هو «سوء التنسيق والتواصل» بين المسلحين والقيادة، كاشفاً عن «عدم إمداد العناصر الذين حوصروا في الموقع بالسلاح أو أي تعزيزات عسكرية وبشرية من قيادة المحور (تحالف العدوان)».
وتكبّد «التحالف» خسائر ضخمة في الشهور الماضية، فيما عجزت القوات الموالية لهادي عن تحقيق أي تقدّم أو إنجاز ميداني، وذلك وسط تزايد الحديث عن خلافات كبيرة بين الفصائل وفقدان الثقة، إما لأسباب داخلية يمنية، وإما انعكاساً لصراعات خليجية ــ خليجية وراء الكواليس.
ومحافظة تعز من أبرز الجبهات التي لم تسفر فيها المعارك عن سيطرة تامة لأي من الأطراف، فضلاً عن أنها لم تتوقف، وبالأخص في منطقة الساحل الغربي للمحافظة، وذلك نظراً إلى موقعها الاستراتيجي القريب من باب المندب. ورغم محاولاتها المتكررة، أخفقت القوات الموالية للعدوان في بسط نفوذها على تلك المنطقة، التي كانت ستفتح لها الباب باتجاه محافظة الحديدة.
في هذا السياق، نقلت وسائل الإعلام عن مصادر مقربة من الرئيس المستقيل شن طائرات تابعة لـ«التحالف» غارات مكثفة ليل الأربعاء وصباح أمس الخميس على مواقع تابعة لحركة «أنصار الله» في الشريط الساحلي في الحديدة، وذلك عقب تأكيد العدوان استهداف سفينة حربية تابعة له.
وأقر «التحالف» في بيان، أمس، بأن السفينة التي استهدفتها الحركة بـ«صاروخ موجه» أثناء مغادرتها ميناء المخا على البحر الأحمر هي إماراتية، موضحاً أن «الهجوم لم يسفر عن أي أضرار مادية، وأدى إلى إصابة شخص واحد من طاقمها».
وفي وقت سابق، أعلنت القوات البحرية التابعة لـ«أنصار الله» استهداف سفينة كانت «تقوم بأعمال عدائية قبالة سواحل مديرية المخا». كما وزّع «الإعلام الحربي»، التابع للحركة، مشاهد قال إنها لاستهداف السفينة الحربية، تُظهر لحظة انطلاق الصاروخ ثم إصابة السفينة واندلاع النيران فيها.
(الأخبار)

آخر الأخبار