سلمان بن عبد العزيز.. عامُ الخلافات وكم الأفواه وشلالات الدماء

عامٌ مرَّ على مبايعة سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملكاً للسعودية، كان كافياً للكشف عن حجم الكارثة التي من الممكن أن تحلَّ بمنطقتنا في حال استمر الملك السعودي بنهجه المتبع خلال العام المنصرم، إذ شكَّل ذلك العام منعطفاً مهماً في تاريخ المملكة التي عمّدت دول المنطقة بالدم والنار. منعطفٌ يمثل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة وأمنها، رافقته إنجارازتٌ تمثلت بالخلافات التي بدأت تطفو على السطح داخل الأسرة الحاكمة، وبالقتل والتشريد والتدمير والقصف العشوائي خصوصاً في اليمن، وبالدعم تسليحاً وأموالاً للمجموعات الإرهابية خصوصاً في سوريا والعراق.
أبى سلمان أن يمرَّ العام الأول من تقلّده مناصب الحكم دون مزيدٍ من الدماء، ضارباً عرض الحائط ما قد تأول إليه أحوال مملكته التي رزحت تحت حكم ملكٍ يعاني من أمراضٍ عقلية  وولي ولي عهدٍ لم ينضج بعد، من إنجرافٍ إلى مستنقعٍ قد يضعها على حافة الهاوية.  وفي محاولةٍ لإحصاء إنجازات سلمان خلال عامه الأول، يتبيّن للمتابع كم الإخفاق الذي نزل بالمملكة داخلياً وخارجياً، حيث شابت أجواء الأسرة الحاكمة الكثير من التوترات، التي بدأت تطفو على السطح وتجاوز صداها حدود المملكة ليعبر القارات ويحط رحاله في واشنطن التي سعت إلى ضبط الخلافات التي تعتمل أجنحة الأسرة، لا سيما بعد إقالة ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصبه وتنصيب محمد بن نايف خلفاً له، ما أثار تساؤلاتٍ عن الأسباب الخفية لهذا القرار، إذ أشار مراقبون إلى أنّ القرار كان مفاجئاً للأمير مقرن، لا سيما أنّه لم يقدم طلباً بإعفائه، وأنه دفع ثمن حياديته بالنسبة للعدوان الذي تقوده المملكة على اليمن، مستهجنين موعد الإعلان عن العزل والتعيين فجراً.
هذه الخلافات لم تبقَ داخل حدود الأسرة، بل تعدتها لتصل إلى صداماتٍ مع الأسر الحاكمة في مجلس التعاون الخليجي، كما جاء في تسريبات ويكيليكس التي أشارت إلى حجم ازدراء بعض أمراء الإمارات من الأمراء السعوديين، إذ تورد الوثيقة حواراً دار بين ولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد" ومدير مجلس الخارجية الأمريكي "ريتشارد هاس" بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير من عام 2003، يوجه فيه محمد بن زايد انتقاداتٍ حادة للأمير السعودي نايف بن عبد العزيز "وزير الداخلية السعودي وقتها"، حيث قال عنه "أخلاقياته أثبتت أن نظرية داروين صحيحة"، في إشارةٍ منه إلى تطابق صفات القرد مع صفات نايف بن عبد العزيز، كما فردت الوثيقة مساحةً جيدةٍ عن دراسةٍ عرضها بن زايد على هاس جاء فيها أنّ " أن 90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد انتهائهم من العراق ليغيروا لهم آل سعود، وعلاقتنا مع الرياض معقّدة، لكننا في هذه الآونة الصعبة نسايرهم".
ويتمثل أحد الإنجازات التي حققها سلمان بن عبد العزيز بالعجز في ميزانية المملكة في عام 2015 والذي وصل إلى ما يقارب ال 90 مليار دولار، ليعتبر أكبر عجزٍ للميزانية في تاريخ المملكة، ويتوقع مراقبون أن يصل هذا العجز إلى 130 مليار دولار نتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، ليصل سعر البرميل إلى 30 دولار أميركي، ما يؤثر بشكلٍ مباشرٍ على اقتصاد المملكة كونها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، إذ دقّ صندوق النقد العالمي ناقوس الخطر متوقعاً إنفاق السعودية جميع احتياطاتها المالية خلال السنوات القادمة.
وبما أنّ كم الأفواه عادةٌ عند ملوك السعودية، فليس بغريبٍ استمرار نظام آل سعود متمثلاُ بسلمان بن عبد العزيز في اتباع سياسة قمع الحريات وكمّ الأفواه، التي تزايدت في عهده وذلك عبر توقيف الناشطين الحقوقيين كتوقيف الناشطة الحقوقية سمر بدوي شقيقة الناشط الحقوقي الموقوف رائف البدوي والحكم عليها بالسجن والجلد بتهمة تأليب الرأي العام ضد الدولة، وتسجيل أرقامٍ قياسية في تنفيذ أحكام الإعدام، ما استدعى منظمة هيومن رايتس ووتش إلى تسمية السنة المنصرمة بسنة "الاعتداء المتواصل على حرية التعبير"، واعتبرته خرقاً لالتزااتها بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان".
"شلالاتُ الدّم العربي" عنوانٌ عريضٌ لسلسلةٍ من الجرائم التي ارتكبها نظام الملك، فكانت الحرب على اليمن شاهداً على التاريخ الدموي لآل سعود، إذ ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 25 ألف و553 مدنيا منهم 7495 شهيدا و16 ألف و58 مصابا من النساء والأطفال والرجال، إضافةً إلى معاناة المدنيين التي تزاد يومياً نتيجة همجية القصف واستهدافه للمدن المزدحمة بالسكن والأسواق الشعبية والتجارية، وقصف المنشآت التعليمية والمواقع الأثرية والسياحية والمزارات التي تسعى السعودية من خلالها إلى استهداف الحضارة في اليمن.
يستحق سلمان بن عبد العزيز لقبَّ شخصية العام كأكثر شخصيةٍ تشويهاً لتاريخ الحضارت، وبناءِ إمبراطوريته الحالمة على أكتاف أسرته وجثث الشعوب.

(راصد اليمن)

آخر الأخبار