العدوان السعودي على اليمن...تحليل للأهداف والاستراتيجية

منذ انطلاق العمليات العسكرية للتحالف المكون من عدد من الدول العربية ضد قوات الجيش اليمني وعناصر حركة "انصار الله" والقوات الموالية للرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، (عاصفة الحزم، إعادة الأمل) لوحظ تغير في الأهداف مرات عدة خلال المعارك.

 

1- الأهداف المتغيرة:

 

كان الهدف الأساس للعمليات العسكرية، في الفترة الممتدة من آذار/مارس وحتى آب/أغسطس 2015، عزل اليمن تماما على المستويين البحري والجوي ومحاولة السيطرة على مدينة عدن لإنشاء مركز للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي إلى جانب انشاء قاعدة انطلاق ودعم للقوات اليمنية الموالية للعداون السعودي فضلا عن تحجيم القدرات العسكرية النوعية للقوات اليمينة والمقاومة.

 

قوات التحالف نجحت في تحقيق هدف السيطرة على مدينة عدن وفي عزل اليمن جوا وبحرا، لكنها فشلت تماما في تحجيم القدرات النوعية لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية لا سيما فيما يتعلق بالقدرات الصاروخية، على الرغم من عمليات القصف المستمرة والعنيفة على ألوية الصواريخ "الخامس و السادس والثامن" قرب صنعاء وهذا الفشل كان جليا في الضربات المتكررة بصواريخ أرض – أرض من انواع "Tochka" و"Hwasong-5"  و "grad" و "uragan" التي استهدفت مواقع عسكرية في السعودية ومواقع متقدمة للتحالف في اليمن ومن هذه الضربات كانت ضربة موجعة تلقتها قوات العدوان بعد مقتل عشرات من جنودها بمنطقة "صافر" في مأرب.

 

- حتى الأول من آب/ أغسطس اقتصر الدعم الخليجي للقوات الموالية له في اليمن على دعم محدود بعناصر من القوات الخاصة السعودية، إلى جانب تزويد الإمارات لهم بعربات مدرعة مضادة للألغام من نوع "Oshkosh M-ATV" أمريكية الصنع، وصل منها 50 عربة إلى رأس عمران لأول مرة فى 13 تموز/ يوليو، فضلا عن أعداد محدودة من ناقلات الجند المدرعة روسية الصنع "بي أم بي3″ والمدفعية ذاتية الحركة من نوع "فوزيدكا" روسية الصنع من عيار 122 مللم والتي ظهرت في لحج لأول مرة يوم 15 تموز/ يوليو.

 

بعدها، تطور الهدف الأساس للعمليات العسكرية بعد الإنزال البحري الذي تم تنفيذه في عدن يومي 1 و 2 آب/ أغسطس حيث بدأ تدفق أنواع مختلفة من الأسلحة والعتاد ليكون الهدف الرئيس هو السيطرة على قاعدة العند الجوية، وهذا ما تم فعليا في اوائل آب/ أغسطس. وتلا ذلك تطور آخر اعتبارا من اوائل الشهر الجاري وكان الهدف المعلن فيه هو السيطرة على مأرب وهذا ما تم تقريبا، ثم الهجوم على صنعاء كهدف استراتيجي؛ لكن توسعت المعارك لتدخل الى محور باب المندب ومناطق في وسط وجنوب اليمن وتحديدا تعز والحديدة وشبوه والجوف وأب ولحج والبيضاء ولتبقى مناطق واسعة ومهمة تحت سيطرة قوات انصار الله مثل ذمار وعمران وحجة وصعدة وريمة والمحويت يتوقع ان يتم تطوير الهجوم باتجاهها.

 

 2- الأسلحة المستخدمة :

 

خلال مسار العمليات العسكرية تم رصد استخدام تشكيلة متنوعة من الأسلحة والآليات العسكرية، وهي على النحو التالي:

 

- دبابات القتال: الدبابات الأمريكية الصنع من نوع "M60" و ""Abrams و الفرنسية الصنع من نوع "AMX30" تابعة للجيش السعودي بجانب الدبابات فرنسية الصنع من نوع ""LECLERC تابعة للجيش الأماراتي

- ناقلات الجند المدرعة وعربات الجيب العسكرية : ناقلات الجند من انواع "شبل2 -  نمر - Otokar arma - Gurkha – Oshkosh m-atv- M2 Bradley - Bmp3 – LAV25 – هامفي "

- الشاحنات العسكرية : Tatrat816

- منظومات المدفعية: مدافع الهاون ذاتية الحركة من نوع "Rg31 Agarab"- مدافع الميدان من أنواع "G6 – M198 – M109 – M240 – Caesar"

- قنابل جوية وعنقودية: القنابل الجوية من نوع "GBU-97" -  القنابل والصواريخ العنقودية من نوع "GBU-12" و"GBU-87" و"GBU-105" و"M26" و"ZP-39"

 

 

- طائرات دون طيار: "Aeryon scout – Emt luna x2000 – Seeker400 – CamcopterS160 – Wingloong"

- المقاتلات وطائرات النقل والمروحيات: مقاتلات وقاذفات من أنواع "F15 – F16 – F18– تايفون – SU24- Mirage2000" – مروحيات قتالية و نقل من انواع "شينوك – اباتشي - AgustaWestland AW139 " - طائرات النقل من أنواع "C130 – C17ER" – طائرات الدورية البحرية من نوع "Dach8q300"

- منظومات الدفاع الجوي : "بانتسير – باتريوت"

- كاسحات الألغام : من نوع "AARDVARK".

 

 

3- التكتيكات والخطط المستخدمة:

 

- ركزت قوات التحالف في المرحلة الأولى من هجومها على استخدام القوة الجوية "استطلاع – غارات – دوريات مراقبة" مستغلة عدم فعالية القوة الجوية اليمنية ووسائط الدفاع الجوي، الا انها - وعلى الرغم من هذا الوضع - اصيبت بخسائر عديدة في مقاتلاتها وطائرات استطلاعها ولم تتمكن من تدمير القدرات النوعية التي امتلكتها قوات "انصار الله" من صواريخ باليستية وقصيرة المدى.

 

- كثفت هذه القوات من عملياتها البحرية منذ البداية بهدف عزل اليمن بحريا وتطبيق حصار بحري محكم على سواحله واعتمدت في المرحلة الثانية من الهجوم على التمهيد المدفعي سواء بمدافع الهاوتزر او بمدافع الهاون.

 

في بداية المرحلة الثانية للهجوم بدأت القوات البرية بالتحرك في ارتال مشتركة مع القوات اليمنية الموالية لها وظل الاعتماد على العمليات الجوية هو الأساس قبل أي تقدم او تحرك للأرتال البرية، كما لجأت هذه القوات الى اعداد مواقع ميدانية متقدمة تكون مزودة دائما بمهابط لمروحيات الأباتشي المقاتلة والتي لعبت دورا رئيسا في دعم تحرك القوات المدرعة.

 

- واجهت القوات البرية في المرحلة الثالثة مصاعب كبيرة فيما يتعلق بالعبوات الناسفة والألغام الأرضية التي استخدمتها "انصار الله" بفعالية كبيرة اوقعت خسائر مهمة في القطع المدرعة التابعة لقوات العدوان التي دفعت أعدادا من كاسحات الألغام لتطهير المناطق المراد دخولها، ما أبطأ كثيرا حركة القوات البرية، ولعل المشكلة الأكبر التي واجهت هذه القوات تكتيك عناصر "انصار الله" القائم على مهاجمة المواقع العسكرية السعودية في جيزان ونجران سواء بالاقتحامات المباشرة او بنيران المدفعية والصواريخ.

 

 

 4- الاستراتيجية العسكرية لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية:

 

كانت النقطة الأساسية في الاستراتيجية الدفاعية التي اتبعتها قوات الجيش اليمني تتعلق بكيفية الحفاظ على أي قدرات عسكرية نوعية يمتلكها وعلى رأسها "القدرات الصاروخية الباليستية" من التدمير بفعل الغارات الجوية المستمرة، ولذلك بدأ الجيش قبل انطلاق العمليات العسكرية ضده اعادة نشر و تخزين للصواريخ التي يمتلكها في مناطق تخزين خارج العاصمة صنعاء ومن اهم هذه الصواريخ Tochka"" الروسية و"Hwasong-5"  الكورية الشمالية بالإضافة الى راجمات الصواريخ من نوعي "grad" و "uragan".

 

هذه الاستراتيجية حافظت بشكل كبير على مخزون الصواريخ الموجود لدى الجيش وساهمت في الاستخدام الفعال لهذه الصواريخ في ضرب العمق السعودى والمواقع المتقدمة للتحالف داخل اليمن ولعل اكبر مثال على ذلك الأضرار البشرية والمادية الكبيرة التى تسببت بها صاروخ " Tochka" في مأرب.

 

علاوة على ذلك، هناك نقاط لافتة في هذه الاستراتيجية، منها محاولة التغلب على الفجوة ما بين قدرات الدفاع الجوي للجيش اليمني ونوعيات وأعداد المقاتلات والقاذفات العاملة في الأجواء اليمنية خصوصا بعد تمكن الجيش بواسطة الصواريخ الحرارية و المدفعية المضادة للطائرات اسقاط واعطاب عدة انواع من الطائرات والمروحيات نذكر منها "F16 – F15 – أباتشى - Aeryon scout – Emt luna x2000 – Seeker400 – Camcopter S160"

 

أما فيما يتعلق بالشق الهجومي في الاستراتيجية العسكرية للجيش اليمني فإنه ركز في هجماته على شقين: الأول هو تنفيذ كمائن بالصواريخ المضادة للدروع والألغام الأرضية للقطاعات المدرعة لقوات التحالف ما أفقدها النقطة القوة الرئيسة لها على الأرض، وقد نجحت هذه الأستراتيجية في تكبيد قوات التحالف خسائر كبيرة في الدروع والعربات المدرعة، فيما الشق الآخر تم فيه تشكيل فرق قتال خاصة وخفيفة الحركة تنفذ اقتحامات للمواقع العسكرية السعودية في جيزان لتحقيق ضغط مستمر على هذه المواقع لمنعها من اداء مهامها بفعالية، وفي الوقت نفسه استنزاف قوات الدعم التي تصل الى هذه المواقع او تحاول الدخول الى الأراضي اليمنية كتعزيزات وهذا ما تم بالفعل حيث اقتحمت الفرق اليمنية عشرات المواقع العسكرية بجيزان وبعضها تم اقتحامه عدة مرات وتدمير منشآتها والمعدات العسكرية الموجودة فيها.

 

- بالنسبة للأنواع البارزة من الأسلحة التي تم رصد استخدامها من قبل الجيش اليمني فهي:

- الصواريخ المضادة للدروع : M79 OSA" – كورنيت – كونكورس – ار بي جي – M72 LAW"

- المدفعية والمدفعية الصاروخية: "GRAD – D30 – Uragan"

- الصواريخ الباليستية: Tochka" - "Hwasong-5 بالإضافة الى تطويرات صاروخية محلية الصنع تحت اسماء "النجم الثاقب – عقاب –زلزال – تعديلات على قواذف Uragan".

 

هذا وكان لافتا نجاح الجيش اليمني في توثيق هجماته على المواقع السعودية بالصور وهذا ما ضاعف من تأثير ونتائج هذه الهجمات خصوصا وانه صاحبها السيطرة على مواقع داخل السعودية وعلى عتاد عسكري خاص بالجيش السعودي، وعلى الرغم من ان قوات العدوان حققت خلال الأشهر الماضية تقدما باتجاه العاصمة صنعاء الا ان ابقاء الجيش اليمني لوتيرة المعارك العالية داخل اليمن وداخل السعودية بدأ يشكل تصدعات في التحالف خصوصا وان دولا مثل مصر تشارك بهذا التحالف بقوات جوية رمزية ورفضت المشاركة بقوات برية وحذا حذوها السودان كما ان الأمارات باتت تفكر جديا بتقليل عديد قواتها خصوصا بعد الخسائر البشرية الكبيرة التى منيت بها في مآرب ، الأكيد ان معركة تكسير العظم بين قوات العدوان والجيش اليمني تقترب من محطة اخيرة ربما ترسم خريطة جديدة تماما لمنطقة الخليج وربما للشرق الأوسط كله.

 

والخلاصة هنا ان العبرة في تحديد المنتصر و المهزوم في اي نزاع عسكري محدود او موسع هو قدرة كل طرف على تحقيق أهدافه، بالنسبة للتحالف حتى الآن لم يتحقق الهدف الرئيس من هجومه وهو القضاء التام على القدرات العسكرية لأنصار الله وأخراجها من المشهدين السياسي والميداني، علما أن الخسائر الكبيرة التي منيت بها لقوات العدوان جعلت الصورة واضحة بأن المعركة في الميدان ليست حربا نظامية أو حرب عصابات بل هي شكل جديد من اشكال الحروب.

 

فقوات العدوان السعودي تقاتل "عدوا" غير مرئي تقريبا، ومعظم معاركها لا تحدث في اليمن بل على الأراضي السعودية نفسها بشكل يجعل من تقدم هذه القوات على الاراضي اليمنية دون أي جدوى، فامام كل سيطرة هناك موقع عسكري في جيزان يسقط ويدمر بفعل هجمات "انصار الله" التي كانت نتائجها وكثافتها أكثر شيء محير في هذه الحرب.

 

(محمد منصور  - موقع العهد الإخباري)

آخر الأخبار