خاص | في ذكرى العدوان... انهيار اتفاق الرياض وفضح المستور

إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | في 25 مارس 2015، انطلق العدوان رسميا على اليمن تحت مسمى (عملية عاصفة الحزم)، واعلن رسميا ان العمليات قد بدأت استجابة لطلب من (رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي) بدعوى هجوم الحوثيين على العاصمة المؤقتة عدن، التي فر إليها الرئيس هادي، ومن ثم غادر البلاد إلى السعودية.
وبعد مضي خمس سنوات على العدوان الغاشم والفاشل، اصبحت المناطق التي يسيطر عليها العدوان واتباعه هي المناطق التي تشهد الصراع والشقاق ونذر التقسيم!
في 14 ديسمبر الماضي، حذر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتن جريفيث، من خطورة انهيار اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في 5 نوفمبر الماضي.
وقال جريفيث -في تصريحات صحفية"أعتقد أنه من المهم حقا أن يطبق هذا الاتفاق في أساسياته على الأقل​​​. نحن جميعا قلقون بشأن ما إذا كان سيتحقق". 
 مضيفا: "يمكننا أن نرى أن هناك مصلحة لدى كل من حكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي لتحقيقها، ربما ليس في جميع جوانبها، ولكن بما فيه الكفاية للسماح لنا في عملية الأمم المتحدة بالتوسط لإنهاء الصراع الشامل".
وبالطبع كان جريفت يتحدث عن (اتفاق الرياض) والذي كان بمثابة مصالحة، بوساطة سعودية، بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى التوقيع عليه في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر 2019،
واعلن وقتها انه يهدف لتوحيد الجهود تحت قيادة (تحالف دعم الشرعية) لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن، كما تضمن مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء ما اطلق عليه العدوان (انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني)!.
واليوم وبعد هذه السنوات من العدوان وتزامنا مع ذكراه الخامسة، يحق لنا التساؤل عن الانقلاب الحقيقي، وعن الشرعية الحقيقية، فهل الانقلاب يمكن ان يقدم التضحيات ويدافع عن الاستقلال الوطني ويسعى للبناء، ام ان الانقلاب هو من يستدعي القوى الخارجية لحماية عرشه وتمكينه على حساب الشعب وسيادة الوطن ولا يمانع من ارتهانه؟
او ليست الشرعية الحقيقية هي في صمود المقاومة ووحدة القبائل والدفاع عن الاستقلال وحفظ ثوابت الامة، ام ان الشرعية هي الارتهان لدى اكثر من دولة والانقسام الى ميلشيات تابعة لنفوذ هذه الدول وتتناحر تحت رايتها القبائل لانتزاع سلطات محلية مما يقود للانفصال والتقسيم؟
ولعل حال الجنوب اليمني اليوم خير شاهد على مأساة الشرعية المزعومة والتي تشهد صراعا على النفوذ بين ذيول الامارات من جهة، وذيول السعودية من جهة اخرى، ولعل مجرد عقد اتفاق للهدنة بين طرفين تابعين للشرعية المزعومة، هو خير معبر عن زيف هذه الشرعية وانها تكئة لاحتلال اليمن والهيمنة عليه ووضع واجهات محلية تعمل بالوكالة للمحتل.
في حديث صحفي لوكالة سبوتنيك الروسية، عبر فؤاد راشد رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي عن مخاوفه من انزلاق الجنوب اليمني إلى الحرب الداخلية في ظل الأوضاع المتردية في عدن.
وقال راشد، إن الأوضاع الأمنية المتردية في عدن تثير الكثير من القلق، بعد التحشيد العسكري المتبادل في عدن وأبين، بما ينذر بأن الأوضاع تسير نحو الانزلاق إلى معركة عسكرية عبثية جديدة سيكتوي بنارها الجميع، ويكون وقودها شباب الجنوب، مهما حاول هذا الطرف أو ذاك اصباغ مبررات دينية أو وطنية أو سياسية لمثل تلك الأعمال العسكرية المرفوضة.
وأكد رئيس الحراك الثوري على أن الأوضاع الأمنية المنفلتة في عدن قد بلغت أقصى درجاتها، والتي كان آخرها المعركة التي اقضت مضاجع المواطنين بمدينة كريتر الخميس 19 مارس/آذار الجاري والتي استمرت حتى الساعات الأولى من فجر الجمعة واستخدمت فيها الأطقم العسكرية شبه الرسمية، وسبق تلك الواقعة عملية اغتيال الجندي أبو ناصر الحدي وتصفية الشابين أحمد فؤاد ومحمد طارق اللذين تم اختطافهما في وضح النهار ثم اعيدا جثتين هامدتين بعد إلحاق التعذيب بهما، فضلا عما جرى صباح الجمعة الماضية من تبادل لاطلاق النار بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة في أنحاء متفرقة من العاصمة عدن.
وأشار راشد إلى أن (هذه الأوضاع الأمنية المنفلتة في العاصمة عدن تعود اساسا إلى التركيبة غير السوية للوحدات العسكرية المستحدثة مابعد (تحرير) عدن عام 2015، وساهم التحالف العربي و(الشرعية) بقسط أوفر في العبث بها حيث جرى إنشاء تشكيلات عسكرية مناطقية بحتة، بعيدا عن أي معايير عسكرية تؤسس لجيش وأمن وطني جنوبي، ولكن ما تم تأسيسه واضح للعيان بأنه يضع بذور للصراع الجنوبي الجنوبي مستقبلا).
ومن المعلوم انه وخلال سنوات الحرب أسست الإمارات ميليشيات تابعة لها في المحافظات التي سيطر عليها العدوان، يصل عددهم، وفقا للتقارير، إلى 90 ألف مقاتل في عدة تشكيلات أهمها الحزام الأمني في (عدن والضالع، ولحج، وأبين وسقطرى) والنخبة في (شبوة وحضرموت)؛ وتملك سلطة على بعض ألوية العمالقة التي تقاتل في الساحل الغربي للبلاد إلى جانب قوات "حراس الجمهورية" التي يقودها "طارق صالح" نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح؛ و"كتائب أبو العباس" في محافظة تعز وسط البلاد. وهذه القوة على الأرض أصبحت أدوات عسكرية تابعة للإمارات في اليمن.
وفي الأحداث الأخيرة برز دور الأداة السياسية التي تدعمها الإمارات تحت مسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" وهو مجلس تشكل في  عام 2017 من مسؤولين سابقين في حكومة عبدربه منصور هادي، بعد اقالتهم، وأبرزهم رئيس المجلس "عيدروس الزُبيدي" الذي كان حاكم عدن، ونائبه "هاني بن بريك" وزير الدولة السابق، و"أحمد بن بريك" محافظ حضرموت السابق.
وحاول "المجلس الانتقالي الجنوبي" تنفيذ انقلاب مسلح في يناير/كانون الثاني 2018، لكن تدخلاً سعودياً أوقف الاشتباكات بين الحزام الأمني والقوات الحكومية في عدن بعد أن سيطر حلفاء الإمارات على المدينة الساحلية التي تمثل عاصمة اليمن المؤقتة.
ثم حدثت محاولة جديدة  للانقلاب  في اغسطس 2019 نفذتها القوات المدعومة إماراتيا ضد قوات هادي وسط صمت السعودية قائدة التحالف العربي وحليفة هادي، رغم استخدام الإمارات للطيران في ترجيح كفة حلفائها! اي شرعية هذه التي تقتل الشعب اليمني في الشمال وتتناحر في الجنوب على السلطة.
ان الصمود الاسطوري للمقاومة اليمنية هو الذي فضح العدوان ومؤامراته، كما فضح اتباعه في الداخل ومآربهم الحقيقية، وان مزيدا من الصمود سيوجه ضربات قاضية ونصر شامل قريب لدول العدوان وذيوله في الداخل.

 

راصد اليمن | خاص 

آخر الأخبار