خاص | مجزرة كشر.. ترجمة عملية للعجز السعودي

ليلى عماشا - كاتبة لبنانية | ونحن اختبرنا هلع المجزرة. تابعنا قلوبنا تتحرى عن الأسماء وصور جثث الشهداء. مررنا بتجربة معاينة أشلاء نعرف وجوه أصحابها وأصواتهم.. نعرف جيدا كيف خفق القلب اليمني اليوم.. وانطلاقا من هذه المعرفة نزف في ضلوعنا جرحٌ عتيقٌ حال ورود الخبر.. حطّ النبض بمحافظة حجة اليمنية، وبيد الدمع كفكف الدم عن وجوه نساء وأطفال استهدفهم الافلاس السعودي_ الأميركي المهزوم، فغفوا شهداء.. وصحونا جرحى الاصابات التي كلّما تكررت، وان بسكاكين جديدة، زادتنا عزيمة وغضب..
مجزرة اليوم في اليمن لم تكف لتلعن القاتل بكل وجوهه وأماكن تواجده.. وقف العالم كالعادة يتفرّج، ومددنا أذرع الكلمات التي ندري أنها لن تخفف من هول الوجع إلا أنها قد تشارك في لعن القاتل، المولود من سلالة ملعونة أصلًا.. الآن، هنا اليمن، هنا النزف الذي كلّما زاد فيضه زاد عزم رجاله الأحرار على القتال.. هنا حط الشرف العربي كثيفًا وحرًّا، ليؤدب مهما كان الثمن بني سعود، عديمي الشرف، أبًا عن جد..
هي ليست المجزرة الأولى التي يرتكبها بنو سعود وأسيادهم الأميركيون والصهاينة منذ بدء العدوان الشيطاني على اليمن، وربما لن تكون الأخيرة، فهم، أي المرتزقة، يدركون أنهم بلغوا من العجز عن القتال دركًا لا يستطيعون منه إلا ارتكاب المجازر لترويع احرار اليمن وثنيهم عن القتال الباسل ضد المعتدين.. وهي ليست المجزرة الأولى التي يرتكبها الصهاينة بحق أطفالنا ونسائنا، ولا فرق بين صهيوني ومتصهين. اليوم تذكرنا دير ياسين وقانا وأسماء كل البلدات والقرى التي ارتبطت أسماؤها بالمجازر التي ارتكبها فيها الصهاينة، سواء تحت مسمى "الجيش الاسرائيلي" أو "داعش والنصرة" أو "مرتزقة بني سعود".
باختصار، تعقبت طائرات العدوان أطفال ونساء يمنيين.. قصفتهم في منزلين في مديرية كشر بمحافظة حجة.. حوالي ٢٢ شهيد مضوا بأشلاء محترقة، أطفال بلغوا الشهادة بعد أن ظنوا وأمهاتهم أنهم بلغوا سقفًا آمنا يقيهم هستيريا المرتزقة المهزومين. الصمت أمام المشهد ليس محل شبهة وحسب، إنما هو اشتراك موصوف بارتكاب الجريمة. لم نسمع صوت أحد من المتشدقين عادة بالقيم الإنسانية وبالاستغاثة نصرة للإرهابيين في كل مكان وزمان.. لم يرفّ جفن الأقلام المدفوعة سلفًا التي طالبت يومًا ما بالإشفاق على القتلة في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان ومصر واعتبرت أن لهم "حقوقًا إنسانية" يجب مراعاتها. هؤلاء جميعًا هم شركاء القاتل اليوم، وهم يعلمون بذلك ولا يجرأون على الخروج من بلاط الداشر السعودي ولو لأجل كلمة حق يختتمون بها حياتهم الملعونة بالريالات السعودية.. وهم يعلمون أيضًا أن يومًا ما قد يدركهم ساطوره قبل أن تحاسبهم المقاومة التي تسعف الأسير المرتزق وتعيده إلى بلاده كي لا يموت كما أبناء اليمن بغياب الغذاء والدواء.. هم يدركون أنهم يتصارعون مع شرفاء القوم، فلا يخافون من بطش الشرفاء، ولا يخجلون من أنفسهم لذا ذهبوا في بيع كراماتهم حد الصمت أمام هول المجزرة! أيوجد درجة أشد حقارة من تجاهل مشهد كالمشهد اليمني اليوم؟ هل يمكن أن يمر في الأيام درك أسفل من أن تشهد على الجريمة ولا تطهرك صرخة الدمع في حضرة أم تحتضر على مرآى من احتضار وليدها..
جميعنا يعلم أن القوانين الدولية لم تُوضع إلا للتنفيذ الاستنسابي، اذا لا فائدة من المطالبة بتحقيق دولي، لا سيما أن الجريمة مشهودة والقاتل معروف، وساحتها أرض يستثنيها "القانون الدولي" و "شرعات حقوق الإنسان" فقط لأنها أرض تقاوم.. ولأنها أرض معمّدة بدم أحرارها، مشهورة بالشرف وبالإباء.. لكننا، وعلى سبيل أقل الإيمان، وجب أن نكتب دمعنا في حضرة الوجع المقاتل، ما دمنا عاجزين عن مد ضلوعنا خناجر تشارك اليمني في ثأره، وثأرنا..

 

(خاص - راصد اليمن)

آخر الأخبار