خاص | وقفة تفاوضية مطلوبة

إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري |  لا يوجد عاقل يرفض مبدأ التفاوض لانهاء حرب، ولا يوجد منصف يتحلى بالمسؤولية يمكنه ان يزايد على التفاوض لانهاء نزاع ما، ولكن هناك بالتأكيد فخاخ ونوايا متباينة ومنزلقات ينبغي التحذير منها ولفت النظر اليها، وعلى المفاوض والذي يمتلك الصورة الكاملة، ما ظهر منها وما بطن، اتخاذ ما يلزم، طالما كان موضع ثقة.
ولا شك ان الجلوس للتفاوض في حد ذاته دليل هزيمة للعدوان والذي استخدم كافة الامكانيات، بما فيها القذرة والمحرمة دوليا، لاخضاع الشعب اليمني وكسر ارادته، ثم رضخ تحت سيف المقاومة للحقيقة التاريخية، والسنة الكونية، التي تقول ان الحر والمقاوم لا يمكن ان يخضع، ولا يسقط حق وراؤه مطالب، وما اخذ بالقوة لا يسترد بغيرها.
نعم، ان اللجوء الى التفاوض، هو اعتراف من قبل معسكر العدوان بالفشل امام المقاومة، وان الحوار هو السبيل الوحيد للتعامل مع المقاومين الاحرار، بينما القوة، ستقابلها القوة، وقوة المقاومة تتفوق لانها تحمل الحق والدافع المعنوي والعقيدي.
ولكن، هناك محاذير في عملية التفاوض ينبغي الالتفات اليها:
اولا: لا يصح ان تأخذ قضايا الاسرى والمعتقلين العناوين الكبرى، بدلا من حقيقة القضية، وهي العدوان على ارض وشعب من قبل قوى احتلال، يتيح القانون الدولي مقاومتها بكل السبل، وبالتالي فإن القضية، هي زوال الاحتلال وتوقف العدوان اولا، ثم الالتفات للتفاصيل.
ثانيا: بالرغم من ان قضية الحديدة لها اهميتها لدى الشعب اليمني، الا ان تصدرها بمعزل عن كامل اليمن جغرافيا، وعن حقيقة العدوان ومقاومته سياسيا، هو امر لا يصب في صالح المقاومة ولا مفاوضيها، ولا يخلو الامر من تلاعب من قبل العدوان، لصرف الانظار عن حقيقة الوضع السياسية، وعن حقيقة احتلال اراض يمنية، ومن هنا فإن التفاوض بنظام السلال، هو الافضل.
ان الدخول في التفاصيل وتعقيداتها واطالة امد التفاوض، هو بمثابة انقاذ لمعسكر العدوان وتبييض لصورته وتبرئة له من جرائم الحرب المرتكبة.
ولا مانع من السير في طرق متوازية، حيث التفاوض في طريق، واثارة موضوع جرائم الحرب والسعي لفتح ملفه قانونيا في طريق، والمقاومة المسلحة في طريق.
بالتأكيد لا احد يريد نسف التفاوض كمبدأ، لكن قد يكون نسف اطار التفاوض واستبداله على الطاولة مفيدا لعملية التفاوض ومساره بما يحقق صالح الشعب اليمني.
ان حقوق اليمن حاليا هي زوال القوات المحتلة لاي تراب يمني، وتعويضات عن الخسائر، ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب، وتعهدات وضمانات بعدم التدخل في الشأن اليمني.
هذه هي الحقوق، وفن الممكن فيها هو طرحها والتفاوض على هذا الاساس، حيث لا تتفاوض المقاومة من منطق ضعيف ولا هي مجبرة على تقديم تنازلات عن يد وهي صاغرة.
بينما حصر الامور في مدينة وميناء وقضية تبادل اسرى، هو تقزيم للقضية ولا يعد مقبولا الا في اطار مداخل او بدايات لمناقشة القضية الرئيسية.
ولا يظهر من روح التفاوض ذلك، ونرى معسكر العدوان يتباطأ ويتلكأ لاطالة امد التفاوض، وهو ما يحتاج لوقفة صلبة وحاسمة تسمي الاشياء بمسمياتها، وتضع التفاوض على الطريق الصحيح.

(خاص | راصد اليمن)

 

آخر الأخبار