ضوء أخضر أمريكي للعدوان ومرتزقته لإفشال اتّفاق الحديدة

تشهد محافظة الحديدة تحشيداً عسکریاً للمرتزقة ودول العدوان ومنها الإمارات التي وافقت إلى جانب السعودية على مضض على اتّفاق ستوکهولم في الساعات الأخيرة من مشاورات السويد في ديسمبر الماضي بفعل ضغوط مرحلية مارستها الأمم المتحدة على دول العدوان بالتزامن مع الضغوط الدولية على السعودية على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

تحشيد يأتي بعد ساعات من تصريحات وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو حول اليمن واتفاق الحديدة من الرياض يوم الثلاثاء الماضي تتويجاً لسلسلة متواصلة من خروقات المرتزقة وخصوصاً جناح الإمارات والذين قاموا خلال الفترة منذ إعلان الاتفاق وحتى الآن باستحداث تحصينات تهييء لخوض معركة جديدة وليس للانسحاب بموجب الاتفاق.

وواصلت قوى العدوان والمرتزقة خرق وقف إطلاق النار في الحديدة باليمن، حيث استشهد ثلاثة مدنيين هم امرأة وطفلان، وأصيب أربعة أطفال أيضاً بجروح جراء استهداف قوى العدوان منطقة الفازة في الحديدة.

كما استهدفت قوى العدوان بالقصف المدفعي والأسلحة الرشاشة الثقيلة مديرية الدريهمي بالساحل الغربي.

وفي هذا الإطار، تعرض موكب رئيس لجنة إعادة انتشار القوات في مدينة الحديدة الجنرال باتريك كاميرت الخميس إلى إطلاق نار أثناء عودته إلى مدينة الحديدة.

وحمل مصدر مسؤول في الفريق الممثل للوفد الوطني اليمني ضمن لجنة التنسيق المشتركة لوقف إطلاق النار الطرف الآخر المسؤولية الكاملة عن الاعتداء على فريق الأمم المتحدة في الحديدة.

وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن قوى العدوان هي من أطلقت النار على الوفد الأممي، مشيراً إلى أنها هذه ليست المرة الأولى التي يعتدي فيها الطرف الآخر على الوفد الأممي.

وأكد رئيس اللجنة الثورية العليا في "أنصار الله" محمد علي الحوثي أن "تصريح الأمم المتحدة بشأن حادثة إطلاق النار في الحديدة يذكرنا بالمثل المصري شاهد ماشفش حاجة"، متسائلاً: "هل سيستمر التغاضي على انتهاكات التحالف بمثل هذه التصريحات؟".

وكشفت مصادر في الحديدة أن هناك تحشيدا ملحوظا لقوى العدوان وآلياتهم منذ ليل الاثنين في عدد من مناطق المحافظة، بالتزامن ما تصاعد وتيرة الخروقات من قبل مرتزقة العدوان واستهدافهم للأحياء السكنية في أكثر من منطقة مناطق الحديدة.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة كانت دولة العدوان الإمارات، وفقاً لمعلومات حصلت عليها صحيفة المسيرة في حينه، تدفع بأتباعها المرتزقة لتأزيم الوضع وارتكاب خروقات متعددة نظراً لوجود نية إماراتية مبيتة لإفشال الاتفاق الذي ترى فيه خسارة وضد أهدافها التي سعت لتحقيقها خلال الفترات الماضية.

وصول خروقات قوى العدوان عبر مرتزقتها إلى مرحلة متقدمة خلال الايام الماضية من خلال حشد القوات والعتاد العسكري إلى أكثر من منطقة في الحديدة تزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للدول الخليجية والتصريحات التي أطلقها من العاصمة السعودية الرياض حول اليمن وخصوصاً اتفاق الحديدة، ما يشير إلى وجود ضوء أخضر أمريكي لقوى العدوان لإفشال اتفاق الحديدة بعد تراجع الضغوط الدولية على السعودية على خلفية مقتل الصحافي خاشقجي والتي كانت في الوقت ذاته السبب في إجبار قوى العدوان على الموافقة على الاتفاق في الساعات الأخيرة لمشاورات السويد.

وما يعزز وجود ضوء أخضر أمريكي لقوى العدوان لإفشال اتفاق السويد، استبدال الإدارة الأمريكية دعوات وقف إنهاء الحرب بخفض التصعيد في اليمن والذي جاء على لسان وزير الخارجية بومبيو في الرياض وقوله إنه بلاده اتفقت على ذلك مع السعودية، موجهاً اتهامات مضللة للجيش واللجان الشعبية بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار في الحديدة، مانحاً في الوقت ذاته صك البراءة لقوى العدوان على رغم أن خروقات الأخيرة المستمرة للاتفاق جرى إثباتها بالصوت والصورة في مؤتمر صحفي للمتحدث باسم قوات الجيش العميد يحيى سريع قبل أيام وأظهرت التحصينات والاستحداثات العسكرية من قبل قوى العدوان شرقي مدينة الحديدة.

وكان عضو الوفد الوطني جمال عامر رأى في تصريحات لصحيفة المسيرة، أن المشكلة الأساسية في تعثر تنفيذ اتفاق الحديدة هي عدم رغبة دول العدوان في ذلك، موضحاً أن دول العدوان وافقت على الاتفاق في اللحظات الأخيرة من مشاورات السويد بعد تعرضها لضغوط كبيرة من قبل أمين عام الأمم المتحدة في حينه بالإضافة إلى وقوع السعودية تحت ضغط التصويت في الكونجرس الأمريكي ضدها في قضية جمال خاشقجي والدعم الأمريكي العسكري لها في اليمن.

من جانبها رأت جريدة الأخبار اللبنانية أن وزير الخارجية الأمريكي انتظر حتى يحل في محطته السابعة من جولته الشرق ـــ أوسطية، من أجل أن يسجل موقف بلاده في ما يتصل بجهود السلام في اليمن، مشيرة إلى أن موقفه جاء متراجعاً بأشواط عما كان عليه حديث الولايات المتحدة قبل نحو ثلاثة أشهر، عندما كانت حليفتها السعودية تتعرض لأشد أنواع الضغوط الدبلوماسية، على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وأضافت الصحيفة أنه حينذاك، أشعرت واشنطن، كلاً من الرياض وأبو ظبي، بأن المطلوب منهما وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات في غضون 30 يوماً، لكن ما جرى منذ ذلك الحين أثبت أن الدعوة الأمريكية تنطوي على الكثير من عناصر المناورة، إن لم يكن الخداع. وهو ما تجلى مجدداً، أمس، من خلال حديث بومبيو عن «خفض التصعيد» لا إنهاء الحرب، وتوجيهه اتهامات إلى «أنصار الله» بعرقلة مسار التهدئة.

من جانب آخر، أفادت مصادر بالحديدة بأن رئيس البعثة الأممية الهولندي باتريك كاميرت، المتهم بتنفيذ أجندة مشبوهة خارج نص الاتفاق، عقد، الثلاثاء، اجتماعاً مع ممثلي الوفد الوطني في لجنة التنسيق المشتركة وأبلغهم أن الاجتماعات ستستمر اليوم الأربعاء بانتظار وصول ممثلي الطرف الآخر.

وكان رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام اعتبر في وقت سابق أن "عدم إحراز أي تقدم في الحديدة على صعيد تنفيذ اتفاق ستوكهولم يعود بالأساس إلى خروج رئيس لجنة التنسيق الأممية عن مسار الاتفاق بتنفيذ أجندة أخرى"، فيما رأى عضو الوفد الوطني سليم المغلس في تصريحات سابقة لصحيفة المسيرة أن المشكلة أكبر من تدني قدرات رئيس لجنة التنسيق، بل في امتلاك الأخير أجندات خفية يسعى لتنفيذها من خلال إخراج الاتفاق عن مساره وخلق اتفاق مختلف يخدم أجندة العدوان.

أرادوه احتلالاً لكن هذه المرة ليس عسكرياً كما في السابق ولكن بواسطة الأمم المتحدة بعد فشلهم العسكري الذريع هذا ما ظهر في تحركات قوى العدوان في الحديدة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وشهدت الحديدة أقوى المعارك بتخطيط وإشراف مباشر أمريكي إسرائيلي بريطاني وغيرهما من الدول الغربية وبتنفيذ الأدوات السعودية والإمارات وكذا أدوات الأدوات من المرتزقة المحليين وغيرهم.

الحشود الكبيرة والضخمة والتسليح غير المحدود والتغطية بكل أنواع الأسلحة الجوية والبرية والبحرية لم تساعد قوى العدوان في احراز انتصار في المعركة التي كان العنوان الرئيس لها هو الفشل بكل المقاييس.

الجولات المتكررة هي من اثبتت هذا الفشل الذريع التي كان يسعى من خلالها المعتدون للسيطرة على مدينة وميناء الحديدة إلا أنهم أصيبوا بانتكاسة جعلتهم يحسبون ألف حساب لأي مغامرات جديدة والمقاومة الشديدة والثبات الأسطوري للجيش واللجان جعلت قوى العدوان تبحث عن حل أو بالأصح طريقة أخرى تمكنها من السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها بأقل التكاليف والخسائر.

وقبلت قوى العدوان تحت ضغط دولي باتفاق وقف إطلاق النار وكانت أوهامها تسابقها بأن الاتفاق سيحقق مأربهم التي فشلوا في تحقيقها عسكرياً وبغطاء الأمم المتحدة وما كانت تفكر به تلك القوى أن يكون اتفاق استوكهولم جسراً لتمرير مخططاتها التي عجزوا عن تنفيذها بالحديد والنار وإلا لكانت الفترة الزمنية التي مرت كفيلة بإن يكون هناك موقفا يثبت جديتهم في تحقيق السلام وتنفيذ الاتفاق.

آخر الأخبار