اختتام اجتماعات عمّان حول الأسرى: تقدّم طفيف يكسر جمود الاتفاق

إذا ما سار اتفاق تبادل الأسرى المُعلَن في السويد في الـ13 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وفق الجدولة الزمنية الجديدة التي أُقرّت في الاجتماعات الأخيرة في العاصمة الأردنية عمّان، يُفترض أن تجري عملية التبادل في شهر شباط/ فبراير المقبل تحت إشراف «اللجنة الدولية للصليب الأحمر». وهو ما من شأنه أن يزيل عقبة من أمام جولة تفاوضية جديدة، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أن نهاية الشهر المذكور ستكون موعداً لها. لكن الأجواء السلبية التي لا تزال تظلّل مسار تنفيذ تفاهمات استوكهولم لا تشي بأن تلك الجولة ستبصر النور قريباً.

واختُتمت، مساء أمس، في عمّان، اجتماعات اللجنة الفنية المعنية بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى، بعدما استمرّت قرابة يومين. ووصف مكتب المبعوث الأممي في الأردن، في بيان، الاجتماعات بـ«الإيجابية والبنّاءة والصريحة»، آملاً أن «يؤدي الانخراط الإيجابي من قِبَل الطرفين إلى الإسراع في تطبيق الاتفاق، الأمر الذي سيُسهم في بناء الثقة في الملفات الأخرى». ولفت البيان إلى أن اللجنة «توافقت على خطوات مزمّنة للاستمرار في تحقيق تقدم»، مضيفاً أن «الطرفين اتخذا الخطوة الأولى بإتمام تبادل قوائم الأسرى والمعتقلين، والإفادات بشأن تلك القوائم». هذه الخطوة أكد إتمامها أيضاً رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» عبد القادر المرتضى (الذي مثّل سلطات صنعاء في محادثات عمّان)، مشيراً إلى أنه «سيجري بعد يومين تبادل الملاحظات على الإفادات، وبعد عشرة أيام يكون الرد على الملاحظات». وكشف المرتضى، في تصريح إلى «الأخبار»، أن اجتماعاً سيُعقد في الـ28 من الشهر الجاري في عمّان أو جنيف، «وخلاله ستُفحَص أدلة كل طرف، على أمل أن يفضي ذلك إلى قائمة نهائية بالأسرى الذين سيُفرج عنهم». وتابع بأنه «سيُعقد، في اليوم نفسه، اجتماع للجنة انتشال الجثث، التي جرى التوافق عليها ورُفعت أسماء أعضائها من الطرفين إلى الأمم المتحدة». وجدّد المرتضى الحديث عن الصعوبات التي تعترض طريق الاتفاق، ومن بينها أن «الطرف الآخر لا يملك أي معلومات، ويفتقد للقرار، وهو ليس موحّداً، بل أطراف متعدّدة»، وأن «هناك عدة أطراف لم تقبل بالاتفاق، وتحديداً دولة الإمارات والفصائل التي تقاتل معها». ومع ذلك، أكد المرتضى أن «طرف صنعاء سيكون إيجابياً إلى أبعد الحدود، وسنقدم كل ما لدينا من أسماء لأسرى الطرف الآخر، ولن يجري التحفظ على أي أسرى أو مختفين»، مستدركاً بأنه «إذا جاء اجتماع 28 يناير من دون أن يُنفَّذ ما سبق، فأعتقد أن التنفيذ سيتأخر كثيراً، ولن يصل الجميع إلى حل نهائي».

في ضوء ما تقدم، يبدو واضحاً أن سلطات صنعاء تحاذر رفع مستوى توقعاتها، بعدما استشعرت أن ثمة نية لتمييع اتفاقات السويد والتسويف في تنفيذها، أملاً في تجيير مفاعيلها لمصلحة «التحالف» والقوى المحلية التابعة له. تكتيك يتجلى بوضوح على خطّ تنفيذ اتفاق الحديدة، الذي صعّدت «أنصار الله» أمس لهجتها ضد رئيس اللجنة المعنية بالإشراف على تطبيقه، مُجدّدة اتهامها إياه بـ«الانحياز». وقال عضو وفد صنعاء التفاوضي، سليم المغلس، إن الجنرال الهولندي المتقاعد، باتريك كاميرت، «يحاول حرف إجراءات تنفيذ الاتفاق، من مسار تنفيذي إلى مسار تفاوضي حول قضايا لا تعنيه، وهي مدرَجة ضمن الإطار العام الذي ستُناقش تفاصيله في جولة المفاوضات القادمة»، مبدياً تعجّبه من أن «يحمل هذا التوجّهَ الانقلابي على الاتفاق ممثلُ راعية الاتفاق (الأمم المتحدة)، لا ممثلو العدوان فحسب». وهذا التصريح هو الثالث من نوعه ضدّ كاميرت، الذي حاولت الجبهة الموالية للرياض وأبو ظبي استغلال الاتهامات المُوجّهة إليه، لتأليب الأمم المتحدة على سلطات صنعاء، وتحميل الأخيرة مسؤولية تعرّض الجنرال الهولندي لإطلاق نار في الحديدة أول من أمس. وفي الإطار المتقدم، رأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن تلك الحادثة ينبغي أن «تكون دعوة إلى المجتمع الدولي للاستيقاظ»، معتبراً أن «ميليشيا الحوثي وداعميها الإيرانيين يظلّون العائق الدائم أمام عملية السلام في اليمن».
تصريح لا يبدو مستغرباً بالنظر إلى أن السعودية والإمارات وحلفاءهما يتحيّنون أي فرصة للانقضاض على «أنصار الله»، لكن المستهجن بالنسبة إلى الأخيرة، تصريح الأمم المتحدة في شأن حادثة إطلاق النار، الذي «يذكّرنا بالمثل المصري: شاهد ما شفش حاجة»، بحسب ما قال رئيس «اللجنة الثورية العليا» التابعة لـ«أنصار الله» محمد علي الحوثي. ورأى الحوثي أن إعلان المنظمة الدولية عدم معرفتها مصدر النيران «يثير القلق» لسببين: أولهما أنه «إذا لم يستطع الفريق الأممي معرفة مصدر النيران، فهذا يدلّ على تدني خبرته وارتباكه، وبالتالي يثير الشكوك في دقة التقارير المرفوعة من قِبَله إلى مجلس الأمن»، وثانيهما «أن يكون الإعلان للتستّر على دول العدوان ومرتزقته، وهو الراجح، ما يثبت عدم حياديته».

آخر الأخبار