بومبيو يهاجم «أنصار الله» من الرياض: نحو فصل جديد من الحرب؟

انتظر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حتى يحلّ في محطته السابعة من جولته الشرق ـــ أوسطية، من أجل أن يسجّل موقف بلاده في ما يتصل بجهود السلام في اليمن. موقف جاء متراجعاً بأشواط عمّا كان عليه حديث الولايات المتحدة قبل نحو ثلاثة أشهر، عندما كانت حليفتها السعودية تتعرّض لأشد أنواع الضغوط الدبلوماسية، على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. حينذاك، أشعرت واشنطن، كلاً من الرياض وأبو ظبي، بأن المطلوب منهما وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات في غضون 30 يوماً، لكن ما جرى منذ ذلك الحين أثبت أن الدعوة الأميركية تنطوي على الكثير من عناصر المناورة، إن لم يكن الخداع. وهو ما تجلّى مجدداً أمس، من خلال حديث بومبيو عن «خفض التصعيد» لا إنهاء الحرب، وتوجيهه اتهامات إلى «أنصار الله» بعرقلة مسار التهدئة.

وقال الوزير الأميركي، عقب لقائه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان في الرياض، إن «العمل الذي تحقق في السويد كان جيداً، لكن نحتاج إلى احترام تلك الالتزامات من قِبَل كلا الطرفين»، مضيفاً أن «الحوثيين المدعومين من إيران يختارون إلى الآن ألّا يفعلوا ذلك». هجوم يستبطن تزكية لسردية «التحالف» والقوى الموالية له عن رفض «أنصار الله» الانسحاب من مدينة الحديدة ومينائها، ويبعث بإشارات سلبية في ما يتعلق بمصير اتفاقات السويد، لكونه يُعدّ تشجيعاً للطرف الموالي للرياض وأبو ظبي على المضيّ في محاولته انتزاع السيطرة على المدينة بالتكتيك السياسي بعدما فشلت استراتيجيته العسكرية في تحقيق ذلك. وفي تعليقه على تصريحات بومبيو، تساءل رئيس «اللجنة الثورية العليا»، التابعة لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي، عن «الخطوات التي نفذتموها أنتم وشركاؤكم لاحترام اتفاقات السويد... حتى تدّعوا عدم احترام الجيش واللجان لها»، لافتاً إلى أن سلطات صنعاء قدّمت عدة مقترحات من بينها «إعادة الانتشار لمسافة 50 كليومتراً في الوقت نفسه من قِبَل الطرفين، وإعادة الانتشار في الميناء، وفتح طريق كيلو 16 لتوزيع مساعدات المطاحن».
وفي الإطار الأشمل، أشارت السفارة الأميركية في الرياض، في تغريدة على «تويتر»، إلى أن بومبيو وابن سلمان اتفقا على أن «الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع». لازمة عمومية فضفاضة لا تفتأ الولايات المتحدة تكرّرها منذ سنوات، من أن دون أن تكون لها ترجمة فعلية على الأرض. ومن شأن العودة إليها في هذا التوقيت، توازياً مع تصعيد اللهجة الأميركية ضد «أنصار الله»، أن تضاعف علامات الاستفهام حول مدى جدية الولايات المتحدة وصدقيتها في الدفع نحو حلّ سياسي في اليمن، علماً أن الترتيب لتسوية تنهي الحرب التي تشارف على دخول عامها الخامس لا يبدو ممكناً من دون ضوء أخضر أميركي، حتى لو أرادت بقية الشركاء الغربيين، ومعها الأمم المتحدة، المضي في الخيار المتقدم. وفي هذا الإطار، يرى عضو وفد صنعاء التفاوضي، المستشار الإعلامي للوفد جمال عامر، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «لم يعد هناك يقين بتوجه أميركي صادق وثابت إزاء مجمل القضايا السياسية العالقة»، مضيفاً أنه «لم تعد التصريحات الأميركية تحمل أي صدقية، ليس في ما يخصّ اليمن فقط، ولكن في ما له علاقة بأزمات الشرق الأوسط عموماً كسوريا والعراق وإيران وتركيا». ويعرب عامر عن اعتقاده بأن بومبيو، من خلال تصريحاته من السعودية، «يقدّم للرأي العام ما يهدّئه بتبنّي بنود السلام، ولكنه في الوقت نفسه يمهّد لإمكانية استمرار الحرب، من خلال اتهام صنعاء بعدم تنفيذ اتفاق السويد». وهو اتهام يفتقد، بحسب عامر، إلى «الصدقية، لكونه لم يأتِ من المشرف على تنفيذ الاتفاق، وهو المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث».
في ضوء ما تقدم، يبدو أن الجهود المبذولة من قِبَل غريفيث ستواجه في المرحلة المقبلة عقبات إضافية، من شأنها تعقيد عملية تنفيذ تفاهمات استوكهولم المعقّدة أصلاً، وتأخير جولة التفاوض السياسية التي كان ينتظر انعقادها أواخر الشهر الجاري قبل أن يضعّف المبعوث الأممي بنفسه الأمل بذلك. وعلى رغم تلك المعطيات غير المبشّرة، إلا أن «أنصار الله» لا تزال تتعامل بإيجابية مع جانب من مقترحات مندوب المنظمة الدولية. وفي هذا الإطار، أعلنت الحركة، أمس، إرسال وفد فني إلى العاصمة الأردنية عمّان، لبحث «العوائق التي تحول دون تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى والمعتقلين». وقال رئيس الوفد، رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» عبد القادر المرتضى، إن اللقاءات مع الطرف الآخر ستكون «مباشرة، برعاية الأمم المتحدة»، التي لم تعلن، حتى مساء أمس، موافقة الحكومة الأردنية على استضافة هذه المباحثات.

آخر الأخبار