«أنصار الله» تحتجّ على الأداء الأممي: عمل باتريك كاميرت «مشبوه»

تتسع، يوماً بعد يوم، دائرة التهديدات المحيطة باتفاقات السويد، مضاعِفةً احتمالات فشل المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في إحراز تقدم جدّي على طريق إنهاء الأزمة، التي يبدو ـــ إلى الآن ـــ أنها تتجه نحو إعادة التوالد مجدداً. ومع تصاعد الاتهامات المُوجّهة من قِبَل «أنصار الله» إلى رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، وتزايد وتيرة الخروقات في محيط مدينة الحديدة، يظهر غريفيث أمام مهمة بالغة الصعوبة، خصوصاً إذا ما ظلّ يتحرك في إطار دعم دولي «بالقطّارة».

وبعد أيام قليلة على صدور الهجوم الأول ضد باتريك عن السلطة المحلية في محافظة الحديدة، جاء الهجوم التالي على لسان الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، الذي عزا «عدم إحراز أي تقدم» إلى «خروج رئيس لجنة التنسيق الأممية عن مسار الاتفاق بتنفيذ أجندة أخرى»، معتبراً أن «المهمة أكبر من قدراته»، ومحذراً من أنه «ما لم يتدارك غريفيث الأمر، فمن الصعوبة بمكان البحث في أي شأن آخر». اتهامات تعيد إلى الأذهان حالة التوتر التي طبعت العلاقة بين «أنصار الله» والمبعوث الأممي السابق، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي كان يُنظر إليه على أنه وسيط «غير محايد». وهذا ما عبّر عنه أمس عضو المكتب السياسي للحركة، سليم المغلس، الذي قال إن «كاميرت يذكّرني بالمبعوث السابق تماماً، عندما كان يضع العراقيل أمام نجاح مهمته بنفسه»، واصفاً عمل الجنرال الهولندي المتقاعد بـ«المشبوه»، ومتهماً إياه بـ«إثارة نقاط الخلاف السياسية، وتعكير الأجواء الإيجابية». واحتمل المغلس أن يكون كاميرت «غير راضٍ عما تم الاتفاق عليه، أو أنه ينفذ أجندات دول أخرى لها مصلحة في بقاء الحرب»، مضيفاً أنه «إذا ما افترضنا حسن نواياه، فإن قدراته ليست بمستوى المهمة الموكلة إليه». ومن هنا، نبّه عضو وفد صنعاء التفاوضي إلى أن «هذه المطبات تضع (مهمة) المبعوث الأممي على المحك... فإما أن ينجح وإما أن يعود إلى ما قبل الصفر».
إعلان «أنصار الله» استياءها من أداء كاميرت، وتلميحها إلى ضرورة إحداث تغييرات في رئاسة «لجنة التنسيق» المعنية بتنفيذ اتفاق الحديدة ــــ والتي أفادت «فرانس برس» بأن ممثلي الحركة قاطعوا اجتماعاً لها كان مقرراً انعقاده أمس ــــ قبل المضي في أي خطوات أخرى، يشيان بأن عمل «اللجنة» ربما بات مُعلّقاً عملياً. وهو ما سينسحب حتماً على مفاعيل مشروع القرار الذي طرحته بريطانيا، الجمعة الماضي، على مجلس الأمن الدولي، والداعي إلى نشر 75 مراقباً أممياً في الحديدة، إذ إنه في ظلّ احتجاج «أنصار الله» على مسار تنفيذ الاتفاق، تُطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية تنفيذ القرار المذكور ما لم يتمّ الإصغاء إلى اعتراضات الحركة، بالنظر إلى سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء، وعلى محافظة الحديدة أيضاً، وبالتالي قدرتها على تعطيل أي إجراءات من هذا النوع. مع ذلك، جددت «أنصار الله» التزامها بـ«ضبط النفس» وفق ما أكد وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ ضيف الله الشامي. واتهم الشامي «التحالف» والقوى الموالية له بـ«محاولة الالتفاف على اتفاق السويد»، محتملاً أن يكون هناك إعداد لـ«القيام بأعمال إجرامية ومشبوهة، تتناغم مع الموقف غير الملتزم بوقف إطلاق النار».
احتمال تجدد التصعيد العسكري، والذي عزّزه قيام الميليشيات المدعومة إماراتياً خلال الساعات الماضية بشنّ هجوم هو الأعنف في جنوب شرق مدينة الحديدة منذ الـ17 من الشهر الماضي، يبدو أنه حاضر باستمرار في حسابات سلطات صنعاء. ولعلّ هذا هو ما يمكن استشفافه من رسائل الردع التي تبعث بها «أنصار الله» تباعاً إلى «التحالف» والقوى الموالية له، تأكيداً منها على أنها لا تزال في موقع القوة. وفي أحدث تلك الرسائل، أعلن المتحدث باسم الجيش واللجان الشعبية، يحيى سريع، أن «المخزون الاستراتيجي سيكون عما قريب كافياً لإدارة وتنفيذ أكثر من عملية لسلاح الجو المسير في أكثر من جبهة قتالية في الوقت نفسه»، لافتاً إلى أن «لدى الجيش واللجان منظومات جديدة من الطائرات المسيرة القادرة على اختراق التحصينات سيتم الإعلان عنها قريباً»، مضيفاً أن «هناك صواريخ حديثة تم اختبارها وسيتم الكشف عنها لاحقاً».

آخر الأخبار