مقابلة | عبد القادر المرتضى: رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى اليمنيين

على رغم العراقيل التي تعترض طريق اتفاق الأسرى المُعلن عنه في السويد، إلا أن رئيس «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء، عبد القادر المرتضى، لا يسقط الأمل بإمكانية تنفيذ الاتفاق، معوّلاً في ذلك على وجود أسرى أجانب «لن يتم التفاوض حولهم إلا وفق صفقة شاملة». هذه الصفقة، التي بدا في الـ13 من الشهر الماضي أنها وُضعت على السكة، يبدو أن تنفيذها لن يكون أسهل من التوصل إليها، في ظلّ انقسام الموقف داخل الجبهة الموالية لـ«التحالف»، وممانعة الإمارات تسهيل إتمام التبادل، و«المماطلة والمغالطة» المسيطرتَين على سلوك الطرف الآخر. وهو ما يرى فيه المرتضى مؤشراً إلى «غياب الجدية»، داعياً في حوار مع «الأخبار» الأمم المتحدة إلى تفعيل ضغوطها.
 يُلاحظ أن حالة من الجمود تسيطر على ملف تبادل الأسرى والمعتقلين، ما هي الخطوات التي تم إتمامها إلى الآن؟ وإلى أين يتجه الاتفاق؟
الخطوات التي قُطعت من الاتفاق هي تبادل قوائم الكشوفات، وتبادل الإفادات عن الكشوفات. إن كانت الأطراف صادقة وجادة في تنفيذ الاتفاق، فإن الإفادات ستكون صحيحة، وإن كانت الإفادات مختلة وغير دقيقة وغير صحيحة، وكان هناك تلكؤ في الكشف عن مصير المخفيين، فإن الطرف الآخر لا يريد الاتفاق.
هل نفهم من كلامكم أن الخطوة الثانية، المتمثلة في تبادل الإفادات، لمّا تكتمل؟
حتى الآن مرّت ثلاثة أسابيع على تبادل الكشوفات، ولا تزال 75% من قوائم كشوفات أسرانا من دون إفادة عنها. و(لكن) نحن سنظلّ متمسكين بالاتفاق، والأيام المقبلة سوف تبيّن للجميع مدى نجاحه من عدمه.
كان يُفترض أن يتم تشكيل لجنة من الطرفين للبدء في انتشال الجثث وتبادلها فور توقيع الاتفاق، لماذا تأخّر تشكيل تلك اللجنة؟
لقد رفعنا بأسماء رئيس و14 عضواً من جانبنا، وأوصلناها إلى مكتب المبعوث الأممي، ولكن الطرف الآخر لم يتجاوب معنا، ولم يقم بما هو مطلوب منه من أجل تشكيل هذه اللجنة المتفق عليها... الطرف الآخر لا يمتلك القرار على الأرض، وهذه هي المشكلة التي قد تعيق حتى تبادل الأسرى، فهم لا قرار لهم، وهناك أطراف متعددة ومتباينة، وكل طرف له توجهات وله مطالب. وحتى الآن... ما زلنا نتابع مكتب المبعوث الأممي للضغط على الطرف الآخر.
 أبديتم اعتراضكم على الإفادات المُقدّمة إلى الآن من الطرف الآخر، ماذا في تفاصيل تلك الاعتراضات؟
إفادة الطرف الآخر أنكرت وجود المئات من الأسرى الذين نعرف أماكن سجنهم، ونحن على تواصل مع الكثير منهم، فضلاً عن إنكار وجود الأسرى المخفيين الذين لا نعرف أماكن سجنهم. وهذه الإفادة التي قُدّمت كانت مخيبة للآمال بشكل كبير جداً، وشعرنا من خلالها أن الطرف الآخر ليست لديه الرغبة ولا الجدية في التنفيذ... الاتفاق شامل وكامل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل بتجزئته، أو أن يتم الإفراج عن جزء من الأسرى والإبقاء على الآخرين، هذا مستحيل ولا يمكن أن يحدث على الإطلاق، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرى الأجانب.
في ما يتصل بقوائم الطرف الآخر، تقولون إنها تشتمل معطيات مغلوطة، ما السبب في ذلك؟ وأين الخلل برأيكم؟
قد يكشف هذا عن مدى تخبطهم وضعفهم. كان يفترض أن يكون لديهم اهتمام بالأسرى الموجودين لدينا، لكنهم قاموا بحشو القوائم بأسماء وهمية ومكررة، بينما أغفلوا الكثير من الأسرى والمعتقلين على ذمة الأحداث... وهناك مجموعة من الأسرى والمعتقلين التابعين لأطراف محددة ضمن المرتزقة المتحالفين مع «التحالف» لم تُرفع أسماؤهم، وهذه دلالة واضحة على أننا نتعامل مع أطراف متعددة، وأن من قمنا بالتوقيع معهم على الاتفاق لا وجود لهم على الأرض.
بالنسبة إلى قوائمكم أنتم، كم عدد الأسرى المشمولين بها؟
قوائم الأسرى التي تقدّمنا بها للطرف الآخر تضمّ ما يقرب من 7500 أسير ومخفي ومعتقل، بينهم المئات الذين اعتقلوا أثناء مرورهم في الطرقات في مأرب أو الجوف أو عدن. وهناك أيضاً الكثير من المغتربين اليمنيين في السعودية مِمَّن اعتُقلوا على خلفية كتابه منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك الكثير من المعتقلين في الإمارات بتهمة الانتماء والمناصرة لـ«أنصار الله».
 تقولون إن لكم في السعودية 1490 أسيراً، في حين يتحدث الطرف الآخر عن 359 اسماً فقط، ما سبب هذا الاختلاف؟
نرى ذلك على أنه جسّ نبض، ومحاولة لتضليل مكتب المبعوث الأممي. ولكن، لا يمكن أن يكون هناك إفراج عن الأسرى السعوديين إلا في حال الإفراج الكامل والشامل عن أسرانا... على الرياض أن تقدم إفادات صحيحة ودقيقة، إلا فإن هذا يُعدّ التفافاً على الاتفاق، وعائقاً أمام تنفيذه... ونحن أكدنا لمكتب الأمم المتحدة أن الإفادة التي قدمها الجانب السعودي فيها أسماء 344 أسيراً مطابقة للأسماء التي قدمناها، لكن السعوديين قدموا أسماء أخرى من المعتقلين بتهمة دخول السعودية بطرق غير نظامية.
هل تلقيتم عروضاً بإتمام تبادل للأسرى بينكم وبين الجانب السعودي حصراً؟
نعم، كانت هناك عروض سعودية كثيرة، وأُرسلت إلينا عدة وساطات عبر شخصيات محلية ومشائخ قبليين... ولكننا رفضنا أن يكون هناك أي تبادل بيننا وبين السعودية بشكل منفرد، إلا في صفقة كاملة وشاملة تشمل جميع الأسرى اليمنيين والأجانب... لأن السعودية هي قائدة هذا العدوان، وهي المسؤولة عن الفصائل التي تقاتل تحت لوائها. ولذلك، أجبرت السعودية على الدخول مباشرة في هذا الاتفاق، وكان التفاوض بشكل غير مباشر مع الجانب السعودي رأساً، وإنما كان في الواجهة شخص يمني، وهو الذي وقع على الاتفاق كمفوّض من «التحالف».
لكنكم سمحتم للعديد من الأسرى السعوديين بالتواصل مع أسرهم، هل كانت تلك بادرة إنسانية فقط، أم أنها مؤشر إلى وجود وساطة أخرى تعمل من أجل الإفراج عن عدد محدّد من الأسرى؟
تواصل الأسرى السعوديين مع أسرهم، والذي تم عبر الصليب الأحمر، كان بادرة منا، نظراً لطلبٍ تقدّم به المبعوث الأممي إلينا بأن يكون هناك تطمين للجانب السعودي. كما أن السعودية سمحت لعدد من أسرانا بالتواصل مع أسرهم عبر الصليب الأحمر. ونحن نتعامل مع هذا الملف تعاملاً إنسانياً، ونرى أنه لا مانع على الإطلاق من أن يكون هناك تواصل بين الأسرى وأهاليهم. وفي ما يخصّ أسرى الحرب اليمنيين، نحن نسمح لهم بالتواصل مع أهاليهم ومع قادتهم... و(لكن) للأسف، نحن لدينا الآلاف من الأسرى والمعتقلين الذين قاموا بإخفائهم في سجون لم تستطع المنظمات المحلية والصليب الأحمر زيارتهم فيها، ولم يسمح لهم بالتواصل مع أسرهم على الإطلاق. 
تتحدثون عن 1531 أسيراً في سجون تابعة للإمارات لم تتم الإفادة عنهم، هل ينمّ ذلك عن أن الإمارات رافضة للاتفاق؟ وفي حال صحّ هذا الرفض كيف ستتعاملون معه؟
الإمارات لم تقدم أي إفادة عن الكشف الذي قدمناه، وهذا يؤكد أن هناك خلافاً بين «الإصلاح» والإمارات، وأنها معارضة لهذا الاتفاق... بل إن الأسرى التابعين للإمارات سواء كانوا من أطراف يمنية أو من الإماراتيين لم تُرفع أسماؤهم. ونحن لسنا معنيين بتجميع الأطراف الرافضة لهذا الاتفاق، هناك وسيط، وهناك أمم متحدة معنية بالضغط على الطرف الآخر لتنفيذ الاتفاق... وإذا كان هناك استعداد لدى جميع الأطراف لإطلاق جميع أسرانا، فنحن ملتزمون بهذا الاتفاق حرفياً وسوف نطلق جميع أسراهم.
يلفّ الغموض قضية المخفيين قسراً الذين يشكّل ملفهم جزءاً رئيساً من الاتفاق، ما المعلومات المتوافرة لديكم حول هذا الموضوع؟
تنصّ الاتفاقية على إطلاق جميع المخفيين، وهم مَن تم أسرهم في الجبهات، أو اختطافهم من الطرقات، ووضعهم في سجون مخفية، وهؤلاء لدينا معلومات عنهم ولكن لا نعرف أماكن سجنهم... ولا يمكن أن تتم عملية التبادل من دون الكشف عن مصير المخفيين، وإذا أراد الطرف الآخر أن ننفذ الاتفاق فعليه أن يوضح هذه النقاط، وإذا كان هناك إصرار على إخفائهم فإن ذلك سوف يشكل عائقاً كبيراً.
ما هي الرسالة التي توجّهونها إلى أهالي هؤلاء المخفيين، وأيضاً الأسرى والمعتقلين؟
رسالتنا لأسر الأسرى والمعتقلين والمخفيين بأن لا يقلقوا على الإطلاق... نحن حريصون جداً على تنفيذ هذا الاتفاق، وإن كان هناك عدم جدية من الطرف الآخر، فإن الأسرى الأجانب هم مربط الفرس في الاتفاق كله، ونؤكد أن هؤلاء لن يكون هناك أي تفاوض حولهم إلا وفق اتفاق شامل وكامل، وبإذن الله سيكتب لهذا الملف الإنساني النجاح، وإننا نرى في الأيام المقبلة تحرير جميع الأسرى والمعتقلين. 
أنتم متفائلون إذاً بأن الاتفاق سيسلك سبيله إلى التنفيذ؟
نأمل بأن يُنفّذ اتفاق الأسرى، والأمم المتحدة والمبعوث الدولي إلى اليمن لديهما اهتمام كبير بالاتفاق، ونأمل بأن يستمر الاهتمام، وأن يضغطا على الطرف الآخر لتنفيذ الاتفاق، أما أن يستمر التلكؤ والمماطلة، فلن يتم التنفيذ في الفترة الزمنية المحددة.

(رشيد الحداد | الأخبار)

آخر الأخبار