2018 عام الويلات في اليمن.. والأمل في 2019

أوشك عام 2018 على الرحيل، بعد 12 شهرا من الحرب تجرع خلالها اليمنيون ويلات الفقر المدقع والمجاعة والنزوح والأوبئة. وأصبح البلد العربي بيئة طاردة للاجئين والمهاجرين من دول القرن الإفريقي، إذ عاد الآلاف منهم إلى بلدانهم.

ويعد 2018 هو العام الأصعب على الإطلاق في أذهان اليمنيين منذ اندلاع الحرب قبل نحو 4 سنوات، فالملايين منهم باتوا خلاله على حافة المجاعة، بعد ارتفاع مؤشر الفقر المدقع.

وشهد هذا العام أكبر موجة نزوح داخلي، هربا من ويلات حرب تدخل فيها تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية منذ مارس / آذار 2015، لمصلحة قوات هادي .

فقر مدقع

2018 كان مأساويا على اليمنيين من الناحية المعيشية، نظرا إلى استمرار انقطاع الرواتب عن أكثر من مليون موظف حكومي منذ قرابة عامين، وتضرر منشآت اقتصادية وشركات ومصانع عديدة جراء الحرب.

بات ملحوظا انتشار المتسولين بشكل كبير في معظم مدن اليمن، بينهم للمرة الأولى منذ عقود موظفون يطلبون الصدقة من السكان، بعد أن ضاقت بهم سبل عيشهم جراء عدم تسلمهم رواتبهم، وغياب فرص العمل.

وأدى تدهور سعر العملة المحلية (الريال) إلى ارتفاع حاد في الأسعار، ما جعل الكثير من المواطنين عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، بسبب ضعف القدرة الشرائية، وعدم توافر السيولة المالية.

وأفاد البنك الدولي في تقرير أصدره نهاية أكتوبر / تشرين الأول الماضي، أن اليمن يعاني ارتفاع مؤشر الفقر إلى 80 بالمئة خلال 2018، مع بلوغ التضخم أكثر من 40 بالمئة.

وأضاف أن الاقتصاد الكلي في اليمن استمر في التدهور خلال 2018، وليس من المتوقع تحقيق نمو في 2019، في ظل غياب السلام.

 مجاعة وشيكة

في 2018 برز بشكل كبير الحديث عن ظهور مجاعة في مناطق عديدة باليمن.

وتداولت وسائل إعلام صورا لأطفال يعانون سوء تغذية حادا، وتوفي عدد منهم بالفعل، في حين حذرت منظمات دولية من مخاطر انتشار مجاعة وشيكة.

وخلال تقديمه إحاطة لمجلس الأمن الدولي في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة مارك لوكوك، إن نصف سكان اليمن (حوالي 14 مليون نسمة) يواجهون خطر مجاعة وشيكة.

فيما قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالشرق الأوسط سارا الزوقري، للأناضول نهاية نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، إن أكثر من 22 مليون يمني (من أصل 27.5 مليونا) باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويعيش الكثيرون على وجبة غذائية واحدة يوميا.

وأضافت الزوقري أن ملايين اليمنيين ينامون جوعى كل ليلة، بسبب الظروف الإنسانية الصعبة في ظل الحرب.

وخلص مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي)، إلى أن انهيار العملة خلال سبتمبر / أيلول 2018، وجه الضربة الأعنف للاقتصاد اليمني، فخلال أسبوعين فقد "الریال" نحو 44 بالمئة من قيمته.

وأضاف المركز في تقرير أصدره في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، أن ذلك تزامن مع الكشف عن انتشار المجاعة في مديريتي "أسلم" بمحافظة حجة (جنوب غرب)، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، و"الأزارق" في محافظة الضالع (جنوب)، تحت سلطة الحكومة.

وأوضح أنه لأول مرة يشاهد اليمنيون تقارير موثقة عن مواطنين يأكلون أوراق الأشجار، بعد أن عجزوا عن توفير الغذاء الكافي والدواء، رغم إنفاق ما يزيد على 5 مليارات دولار على عمليات الإغاثة الإنسانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

في ظل هذا الوضع، أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان في نهاية أكتوبر / تشرين الأول الماضي، بأن 5.6 ملايين يمني يعيشون ظروفا تشبه المجاعة جراء ارتفاع الأسعار.

فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في ذلك الشهر، إن كل طفل في اليمن بحاجة تقريبا إلى الحصول على المساعدة، في ظل تهديد خطير ينذر بمجاعة وبتكرار تفشي الأمراض، بما فيها الدفتيريا والكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وأضافت "يونسيف" في بيان، أن" النزاع الذي قتل وأصاب ما يزيد على 6 آلاف طفل خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، تسبب بشلل شبه كامل في البنية التحتية الحيوية كالمياه والصرف الصحي والصحة".

نزوح غير مسبوق

مع بدء النصف الثاني من 2018، كان اليمن على موعد مع أكبر موجة نزوح شهدها منذ بدء الحرب، وذلك بسبب العمليات العسكرية في محافظة الحديدة الساحلية الاستراتيجية على البحر الأحمر (غربي).

في منتصف يونيو / حزيران الماضي، أطلقت القوات الحكومية عملية عسكرية بإسناد من التحالف العربي، للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية ومينائها الاستراتيجي، الواقعين تحت سيطرة الحوثيين.

وأدت المعارك في الحديدة إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص من المحافظة، إلى مناطق آمنة في المحافظة وفي محافظات أخرى.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة مارك لوكوك، في 1 ديسمبر / كانون الأول الجاري، إن "النزوح هو أحد أكثر عواقب النزاع في اليمن".

وأوضح لوكوك في بيان، أنه "يوجد حوالي 2.3 مليون نازح حاليا، بينهم أكثر من نصف مليون شخص نزحوا من النزاع في الحديدة".

وتقول منظمات الأمم المتحدة العاملة في اليمن إن أغلب النازحين يواجهون ظروفا قاسية.

 عودة طوعية

ويلات الحرب أجبرت آلافا من اللاجئين والمهاجرين من دول القرن الإفريقي على العودة إلى بلدانهم، بعد أن أصبحوا عالقين من دون أي فرص جيدة للحياة.

وأفادت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، بأنها أجلت أكثر من 2300 لاجئ صومالي إلى بلدهم طواعية، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منذ مطلع 2018 وحتى نهاية نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.

كما تم إجلاء أكثر من ألف مهاجر إثيوبي خلال 2018 عبر ميناءي الحديدة (غرب)، وعدن (جنوب)، ومطار صنعاء الدولي، بحسب المنظمة.

رغم كل هذه الأوضاع، لا يبدو أن المعاناة بلغت ذروتها بعد، إذ أعلنت المتحدة في 4 ديسمبر / كانون الأول الجاري، أن اليمن وللمرة الأولى سيتجاوز سوريا من حيث الحاجة إلى المساعدات الإنسانية خلال عام 2019.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير، إن المنظمة الدولية تحتاج أكثر من 4 مليارات دولار لتوفير مساعدات أساسية لليمن في 2019، مقابل 3.5 مليارات لسوريا.

مع كل هذه المؤشرات المحلية والدولية، فإن معاناة سكان اليمن في 2018 هي الأشد منذ بدء الحرب، إذ حُرموا من كل شيء.. إلا الأمل بأن يكون 2019 هو عام السلام.

 

(الأناضول)

آخر الأخبار