أسرى الحرب: المعاناة تقترب من النهاية

تنتظر المئات من الأسر اليمنية في الشمال والجنوب عودة أبنائها من سجون الأسر، بعد الإعلان من قبل المبعوث الدولي مارتن جريفيث وأطراف الصراع عن التوصل لاتفاق ينهي ملف الأسرى والمعتقلين؛ وفي ذات الوقت، هناك العشرات من الأسر لا تزال تبحث عن مصير أبنائها الذين وقعوا في الأسر منذ بدء الحرب والحصار أواخر مارس من العام 2015م.
بعد عامين من إغلاق ملف الأسرى والمعتقلين من قبل السعودية والإمارات، وتحويله إلى ورقة ضغط سياسية، اتفقت حكومة «الإنقاذ» بصنعاء وحكومة «الشرعية» في عدن على تبادل شامل للأسرى من الطرفين، وبرغم تلكؤ «التحالف» بالموافقة على الاتفاق، إلا أن مندوب «التحالف» وافق أواخر الأسبوع الماضي على إطلاق كافة الأسرى على ذمة الحرب من سجون الطرفين، ليقترب أحد أهم الملفات الإنسانية التي خلفتها الحرب من الانتهاء، لينهي معه معاناة المئات من الأسر اليمنية التي أغلق «التحالف» في وجهها كل الأبواب منذ استحواذه على ملف الأسرى، ومنعه إجراء أي صفقات تبادل بين طرفي الصراع منذ أكتوبر 2016م .
بيع الأسرى
بعيداً عن «اتفاقية جنيف» بشأن معاملة أسرى الحرب للعام 1949، وعن القانون الدولي لحقوق الإنسان، أدار «التحالف» والقوات الموالية له ملف الأسرى، وعلى مدى العامين الماضيين، ارتكبت تلك القوات انتهاكات جسيمة في هذا الملف، فعرضت أسرى الحرب للخطر وتاجرت بعض القيادات بالأسرى والمعتقلين، فباعت العشرات منهم للسعودية بملايين الريالات من العملة السعودية.
مصدر بيع أسرى «الجيش واللجان الشعبية» التابعين لـ«الإنقاذ»، والمعتقلين قسرياً تحت ذريعة الإنتماء او مناصرة «أنصار الله» كان في محافظة مأرب، حيث تم نقل العشرات ممن ينتمي لـ«أنصار الله» إلى السجون السعودية مقابل صفقات مالية، وخلال العامين الماضيين، اتهمت «الهيئة الوطنية لشؤون الأسرى» بصنعاء، قوات الرئيس عبدربه منصور هادي ببيع عدد من المختفين المدنيين، ومنهم الدكتور مصطفى المتوكل الأكاديمي في «جامعة صنعاء»، يضاف إلى بيع «مقاومة البيضاء» جثة شبيه اللواء يوسف المداني وهو أحد مقاتلي «أنصار الله»، وقد تم أسره حياً مطلع العام الجاري بالقرب من الخوخة، ثم بيعت جثته بملايين الريالات للسعودية بعد تصفيته.
قتل الأسرى
خلال العامين الماضيين تم قتل العشرات من أسرى قوات حكومة «الإنقاذ» بطرق بشعة، وتم توثيق تلك العمليات التي تعد عمليات إعدام جماعية بالصوت والصورة، وكان آخرها العمليات التي وقعت الشهر قبل الماضي في الساحل الغربي، يضاف إلى تعذيب العشرات من الأسرى من قبل القوات الموالية لهادي حتى الموت، وآخرها وقع الشهر الماضي في محافظة الجوف.
الاختطاف
تسبب إغلاق مطار صنعاء من قبل «التحالف» مطلع أغسطس من العام 2016م، عقب فشل محادثات الكويت، بتعرض العشرات من المحسوبين على «أنصار الله» للاختطاف من قبل القوات الموالية لهادي في مأرب، وذلك لدى مرورهم من الطريق العام أثناء الذهاب إلى مطار سيئون للسفر للخارج أو العودة من الخارج.
البعض من أولئك المختطفين كانوا طلاباً في طريق العودة إلى الجامعات الخارجية، وآخرين مغتربين تم اعتقالهم بالهوية، كما تعرض عشرة ضباط من خبراء «المركز الوطني للألغام» في صنعاء للاعتقال في عدن، وذلك أثناء تواجدهم هناك بمهمة عمل رسمية، وبتنسيق مسبق مع فرع «نزع الألغام»  الممول من قبل الأمم المتحدة في عدن .
مبادرات متعددة
«أنصار الله» وعلى لسان زعيمها عبدالملك الحوثي، أطلقت أكثر من مبادرة بشأن الأسرى وأبدت استعدادها لإنهاء ملف الأسرى والمعتقلين، والقيام بإجراء تبادل شامل للأسرى، ولكن «التحالف» منع الأطراف الموالية له الاتفاق على أي صفقة لتبادل الأسرى، ما لم يتم الموافقة عليها من قيادة «التحالف»، تلك المبادرة جددها «المجلس السياسي الأعلى» بصنعاء أكثر من مرة منذ عامين، فيما كان «التحالف» يرفض مراراً التعاطي معها.
الاتفاق الأخير
اتفق طرفا الصراع على مسودة حل ملف الأسرى والمعتقلين بشكل كامل لاعتبارات إنسانية في أواخر أبريل الماضي، إلا أن «التحالف» رفض التجاوب مع ذلك الاتفاق، وقد حرصت الأطراف اليمنية فيه على إنهاء معاناة الأسرى وأسرهم خلال شهر رمضان الفائت، ولكن تم إعادة النظر بالاتفاق الشهر الماضي، ووقع الطرفان عليه في الـ 15 من نوفمبر المنصرم، وكما جرت العادة، رفض «التحالف» الموافقة عليه وعلق تنفيذه، ثم بضغوط دولية عاد ووافق على إنهاء ملف الأسرى والمعتقلين.
«العربي» حصل على وثيقة الاتفاق المكونة من 12 بنداً، أقر فيها الطرفان في البند الأول، أن ملف الأسرى والمعتقلين إنساني ولا يخضع لأي حسابات سياسية، وأن يكون منطلق الأطراف لم شمل الأسر المكلومة. كما اتفق الطرفان في البند الثاني، على إطلاق جميع الأسرى لديهما من دون تحديد.
 ونص البند الثالث، على أن يسلم كل طرف ما لديه من الأسرى على ذمة الأحداث للطرف الآخر، سواء كانوا يمنيين أو من دول «التحالف». كما نص على أن يشمل اتفاق إنهاء ملف الأسرى العميد محمود الصبيحي وزير الدفاع المقال مؤخراً من قبل هادي، والقيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان، واللواء فيصل رجب قائد المنطقة الرابعة في عدن، واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس هادي، والذي كان يشغل مهام مدير الأمن السياسي في عدن وأبين ولحج .
واشترط البند الرابع عدم رفض أي طرف عن تسليم أي أسير على ذمة الأحداث تحت أي ذريعة، ونص البند الخامس على ضرورة موافاة كل طرف الطرف الآخر بكشف أسماء الأسرى والمعتقلين، والإفادة عن الكشوفات المقدمة من كل الأطراف. فيما منح البند السابع الطرفين تقديم ملاحظات على ما جاء في كشوفات الأسرى المقدمة من الطرف الآخر، على أن ترد الأطراف على استفسارات بعضها عن الأسرى والمعتقلين .
وأبرز ما جاء في وثيقة الاتفاق الموقعة بين كل من الشيخ حسن هيج، مسؤول متابعة الأسرى والمعتقلين في حكومة هادي، ونائبه يحيى محمد كزمان، والشيخ يحيى محمد هيج من جهة، ومن جهة ثانية عن طرف حكومة «الإنقاذ» وقَّع رئيس الهيئة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى. وتم تقييد الإتفاق وتبادل كافة الأسرى في مدة يوم واحد، وألزم الاتفاق الطرفين إطلاق أي أسرى يتبين بقائهم في السجون بعد تنفيد الاتفاق.
وحول جثث الأسرى، اتفق الطرفان على تسليم كل طرف ما لديه من جثث كانت معروفة أو غير معروفة للطرف الآخر، وتشكيل لجنة من الطرفين لانتشال الجثث من جميع الجبهات والمناطق وتقديم كافة التسهيلات للجنة .
ووفقاً للتوقعات، فإن تنفيذ الاتفاق الذي سيشمل كافة المعتقلين، بما فيهم عدد من أسرى الجيش السعودي وآخرين سودانيين، سيتم الأسبوع المقبل، في حال الاتفاق على آلية تبادل الأسرى بين الطرفين في محادثات السويد.

 

(رشيد الحداد - العربي)

آخر الأخبار