قوات هادي والأحمر في «القيادة المركزية»: الوكلاء الجدد!


بدأت الولايات المتحدة منذ أشهر تفعيلاً لعملها داخل اليمن، على الصعيدين العسكري والاستخباري، تحديداً منذ اجتماع تقني تأسيسي عقد في «القيادة المركزية» في آذار/مارس، وفق ما تظهر وثيقة اطلعت عليها «الأخبار»، تكشف عن وجود جنود أميركيين في اليمن، بينهم قوة من «المارينز». الوثيقة مرسلة من رئاسة هيئة الأركان في القوات الموالية للرئيس اليمني المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، إلى نائبه الجنرال علي محسن الأحمر، من قبل «مكتب اليمن في القيادة المركزية الأميركية» المراد تفعيل دوره لهذه المهمة. وبعد هذا اللقاء، توالت بالفعل النشاطات المكثفة بين الأميركيين و«الوكلاء الجدد»، وبشكل علني وصريح، بلغ درجة قيام قائد «القيادة المركزية» بأول زيارة رسمية إلى عدن، منذ اندلاع الحرب.
تراجع تعاون اليمن مع الأميركيين، والذي كان قائماً إبان حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وأساسه برنامج «الحرب على الإرهاب»، بعد أن انهارت منظومة الحكم في البلاد بعد 2011، وانقسمت السلطات، ولم يعد للأميركيين «شريك» رسمي محدد للتعاون معه. لكن التعاون عاد مع حكومة هادي في مرحلة ما قبل سيطرة «أنصار الله» على الحكم، كما كشفت وثائق «ويكيليكس»، وظل النشاط الأميركي بطابعه المباشر يظهر جلياً بعد اندلاع الحرب السعودية ضد اليمن، من خلال استمرار العمل الأمني والتجسّسي المرافق لتصفية عناصر تنظيم «القاعدة» وقادته، عن طريق طائرات من دون طيار، فضلاً عن المشاركة اللوجستية والأمنية والتسليحية والاستشارية في الحرب.
تظهر الوثيقة استعداداً أميركياً لإعادة النشاط المباشر في اليمن بصورة أكبر، تتم بمعزل عن السعودية والإمارات، من خلال علاقة عسكرية مباشرة مع حكومة هادي التي يسيطر على قواتها الجنرال الأحمر. تكذّب الوثيقة المزاعم الأميركية حول حصر استهدافها في اليمن لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، حيث يشمل الاهتمام الأميركي الأمني حركة «أنصار الله»، وكذلك تكشف وجوداً أميركياً غير معلن من خلال قوات خاصة.

وبالعودة إلى الوقائع التي تشير إليها البرقية التي تحمل الرقم 0009 ــ 18 ومؤرخة في31 ــ 3 ــ 2018، فإن وفداً عسكرياً من قوات هادي والأحمر، برئاسة اللواء الركن يوسف الشراجي (مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن)، والعميد جغمان الجنيدي (مدير دائرة الاستخبارات العسكرية)، والعميد الركن عبد الله اليمني (مدير دائرة الأمن العسكري في هيئة الاستخبارات العامة)، قام بزيارة مدينة تامبا في فلوريدا الأميركية، جرت بالتنسيق مع الملحقية العسكرية الأميركية في القنصلية الأميركية في مدينة جدة السعودية. يشار إلى أن القيادة المركزية الأميركية (الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط) تقع في مدينة تامبا، وقد عقدت هذه القيادة لقاءً مع الوفد اليمني. وقد عقد الاجتماع على هامش دورة نظمتها القيادة المركزية حول العمل الاستخباري، في فندق «هيلتون»، واستمرت بين 25 و30 آذار/ مارس الماضي. حضر اللقاء، في الفندق نفسه، عن الجانب اليمني، كل من العميد جغمان الجنيدي، والعميد الركن عبد الله اليمني. ومن الجانب الأميركي جنرالان كبيران لا يرد اسماهما، بل صفاتهما: الأول تصفه البرقية بـ«المسؤول الثاني في القوات المشاركة في اليمن من وحدة البحرية (المارينز)»، وهو تأكيد لافت لوجود قوات أميركية خاصة على الأرض اليمنية. أما الثاني، فتكتفي البرقية بوصفه ممثلاً لـ«الجانب الاستخباراتي في القيادة المركزية».
وتورد الوثيقة تسع نقاط اتفق عليها الجانبان في الاجتماع، أولاها إعادة تفعيل «ملف التعاون العسكري اليمني الأميركي». ثانياً: تفعيل التعاون الاستخباري القائم من خلال «تنظيم التعاون المشترك والمستمر في مجال تبادل المعلومات، وإعداد وتجهيز المراكز الاستخبارية المشتركة للأجهزة الاستخبارية اليمنية والأميركية، والتعاون في الحد من عمليات تهريب السلاح والصواريخ والبشر (الإرهابيين) لليمن». كما اتفق الجانبان على «تفعيل وسائل التواصل المؤمنة بالقيادات العسكرية والأمنية اليمنية»، و«تجهيز وإعادة بناء الغدارات الاستخبارية العسكرية». ويتطرق المجتمعون إلى العمليات الأميركية عبر الطائرات من دون طيار والإنزالات و«الأخطاء» التي حصلت في بعض هذه العمليات ومقتل مدنيين فيها، ما يتطلب «الاستفادة من دروس العمليات السابقة»، مع الإشارة إلى مثال، وهو «ما حدث لأسرة كاملة في محافظة البيضاء بالضربة الجوية لسيارتهم، الحكومة اليمنية ليست شريكة في هذه المعلومات الخاطئة وتتحمل الولايات المتحدة ومن زودهم بهذه المعلومات والإحداثيات (المسؤولية)».
المجتمعون اتفقوا أيضاً على «تفعيل دور مكتب اليمن في القيادة المركزية وإشراك اليمن في الاجتماعات (لم يحدد طبيعتها) كما كانت في السابق قبل أربع سنوات». وفي مقطع آخر، يشمل الأميركيون حركة «أنصار الله» بالتنظيمات الإرهابية أصحاب «الفكر المتطرف»، إذ تتعهد «القيادة المركزية» بالوقوف إلى «جانب الحكومة اليمنية لتوعية الشعب على النهج العدواني ضد الشعوب الأخرى وعدم زرع الحقد والكراهية كما تقوم به القاعدة، وداعش، والحوثيون، في زرع الفكر المتطرف إيديولوجياً ضد الدول الشقيقة والصديقة». وفي البند التاسع والأخير، يرد أنه جرى الاتفاق على وضع «دراسة وخطط لإعادة قوات مكافحة الإرهاب تحت مظلة واحدة للبدء بتنفيذ مهامه كما كانت في السابق».
وتذكر الوثيقة أنه في اليوم الأخير من زيارة الوفد، تمّ ترتيب لقاء في مركز «بكس» لتبادل المعلومات عبر الإنترنت بشكل آمن، حضره «ضابط في العمليات الأميركية وضابط في قسم العمليات المدنية الذي يعتبر جزءاً من الفريق (الأميركي) الموجود في اليمن»، وتلقّى الوفد شرحاً في كيفية عمل برامج المركز، من بينها «برنامج لعمل في مجموعة اليمن».

آخر الأخبار