خاص | نزيف الدم اليمني... وصمة العار الابدية

عادل الجبوري - كاتب عراقي | مرّت حوالي ثلاثة اعوام ونصف العام على بدء الحرب العدوانية ضد اليمن(26 اذار-مارس 2015)، شهدت خلالها صورا مأساوية مؤلمة، قل نظيرها في تأريخ الحروب والصراعات.
قوى دولية واقليمية عديدة، تمتلك من الامكانيات العسكرية والموارد المالية، والقدرات البشرية، الشيء الكثير، تكالبت على شعب صغير اعزل، انهكته التدخلات والمؤامرات الخارجية، والصراعات الداخلية، على امتداد عقود من الزمن.
لم يكن لهذا الشعب من مطلب، سوى نيل حريته، وحصوله على حق تقريره مصيره في اختيار النظام السياسي المناسب له، من حيث الاليات والشخوص، ورسم مستقبله، على ضوء الشعارات البراقة والجميلة التي تشدقت وما زالت تتشدق بها، القوى التي يبدو انها قررت تدمير هذا البلد وتحويله الى ركام وانقاض، وابادة ابناء شعبه بالكامل.
ولعل المفارقة الابرز، هو ان الحرب العدوانية التي انطلقت بقيادة المملكة العربية السعودية، في اطار ما سمي بالتحالف العربي، اتخذت عنوان(عاصفة الحزم)، لمدة شهر، ليعاد تسميتها بـ(عملية اعادة الامل)، وهنا تحديدا تكمن المفارقة، فأي امل هذا الذي ارادت مملكة الرياض تسويقه وايهام العالم به، وهي التي سعت جاهدة مع حلفائها واصدقائها الى اهلاك الحرث والنسل.
اي امل هذا الذي ارادت الرياض ان تعيده، حينما راحت طائراتها واسلحتها المختلفة-ومعها الامارات، ومدعومة من واشنطن وتل ابيب-تحصد ارواح الناس الابرياء من ابناء الشعب اليمني المظلوم، دون ان تستثني طفلا او امرأة او شيخ عجوز؟.
اي امل هذا الذي ارادت الرياض ان تعيده، حينما عاثت في الارض فسادا ودمارا وخرابا، واندفعت بدون اي وازع اخلاقي او ديني او انساني، تلقي حمم نيران اسلحتها المختلفة على البيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات والطرق والجسور؟.                 
اي امل هذا الذي ارادت الرياض ان تعيده، وهي التي عملت بكل جهدها، على جعل اليمني يقتل اخيه اليمني، حينما راحت تبث الفرقة وتثير الفتن من منطلقات طائفية ومذهبية تكفيرية مقيتة؟.
شخصيا، لاتوجد لدي احصائيات دقيقة عن اعداد القتلى والجرحى في صفوف اليمنيين الابرياء، ولا تقديرات لحجم الدمار الذي لحق بالبنى التحيتية اليمنية، والممتلكات العامة والخاصة، لكن مما لاشك فيه ان الارقام مروعة ومخيفة ومفزعة، فمالذي يمكن ان يتصوره المرء من عدوان متواصل لما يقارب ثلاثة اعوام ونصف، لم يترك اصحابه سلاحا الا استخدموه.
والمفارقة الاخرى، هي انه رغم كل الامكانيات والحشود والقدرات التي تم تسخيرها في الحرب العدوانية على اليمن، الا ان الهزائم والانكسارات التي منيت بها السعودية والامارات ومن يقف ورائهما، كانت هائلة جدا وغير متوقعة، وبدلا من ان تقضي على من استهدفته في صنعاء وبقية المدن اليمنية الاخرى، بات حكام الرياض وابو ظبي يواجهون اصعب الظروف، وهم يقفون عاجزين يائسين امام صواريخ المقاومة اليمنية التي طالت ووصلت الى قصورهم المحصنة ومدنهم العامرة!.
فالحرب العدوانية التي قدّر حكام الرياض وابو ظبي، وزعماء البيت الابيض، وساسة تل ابيب، بأنها ستكون سريعة وخاطفة، تحولت الى كابوس مرعب لايعرفون سبيلا للخلاص منه، ولعل حساباتهم كانت شبيه بحسابات نظام صدام حينما شن حربه العدوانية على الجمهورية الاسلامية الايرانية في عام 1980، معتقدا هو ومن دفعه الى ذلك، ان الاطاحة بنظام الحكم الجديد في طهران لن يحتاج سوى الى شهور او حتى اسابيع قلائل من الحرب الخاطفة.
ان من اعاد الامل الى اليمن وشعبها المظلوم المضطهد، هو الانتصارات الباهرة والمشرفة المتحققة عل ايدي رجال المقاومة الوطنية اليمنية، التي اثبتت للعالم كله ان معايير النصر والهزيمة، لاتحددها ترسانات الاسلحة المتطورة، ولاعديد الجيوش الجرارة، ولا ماكينات الاعلام المأجور، وانما الايمان والعقيدة الراسخة بصحة المبدأ وصدق الهدف، والقانون الالهي المتمثل بقوله تعالى (..كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله، والله مع الصابرين).     

 

(خاص - راصد اليمن)

آخر الأخبار