«التحالف» يواجه أزمة تجنيد: مقاتلو «الصبيحة» نحو الانسحاب

تلقّت القوات الموالية لـ«التحالف» المنتشرة على الساحل الغربي ضربة جديدة، بإعلان قبائل الصبيحة الجنوبية دعوتها أبناءها إلى الانسحاب من جبهتَي الساحل والحدود. دعوة تمثّل مظهراً إضافياً من مظاهر السخط المتعاظم في جنوب اليمن على السعودية والإمارات والقوى التابعة لهما، والذي من شأنه أن يزيد حسابات «التحالف» تعقيداً. في المقابل، أعطت الهجمة الجوية التي استهدفت الرياض أول من أمس زخماً إضافياً لعمليات الجيش واللجان، في وقت كانت فيه سلطات صنعاء تتلقى بحذر ضيفها الفرنسي.

وحضّ «المجلس القبلي لمشائخ الصبيحة»، مساء أول من أمس، كل المقاتلين من أبناء قبائل الصبيحة على العودة إلى ديارهم، مُعلِناً، عقب اجتماع لمشائخه، رفضه «استقطاب أبناء الصبيحة والزج بهم في جبهات الشمال». وأُلقيت، خلال الاجتماع كلمات شددت على ضرورة العمل على إعادة المجنّدين كافة، مُرحِّبةً بمواقف «رئيس المجلس الثوري لتحرير الجنوب»، حسن باعوم، في هذا الإطار. وكان باعوم دعا «الجنوبيين إلى الانسحاب من جبهات القتال (...)، ورفض أي أوامر للزج بهم في معارك خارج حدود ما قبل 1990». وتكمن أهمية الموقف الذي سجّلته قبائل الصبيحة في نقطتين: أولاهما أنه يمثل الشريحة القبلية التي لعبت الدور الأبرز في رفد جبهات الساحل الغربي وصعدة والمناطق الحدودية من الجانب السعودي (نجران وجيزان وعسير) بالعنصر البشري، وثانيتهما أن مشائخ الصبيحة ربطوا إعلانهم بدعوة باعوم، ما يُعدّ بادرة على نوع من الالتفاف الشعبي حول مواقف القوى والشخصيات الجنوبية المعارِضة للسعودية والإمارات، على حساب المكوِّنات الموالية لهما، والتي ظلّت حتى وقت قريب تتصدر المشهد.
هذا الاختلال يبدو أنه يثير مخاوف متزايدة لدى الرياض وأبو ظبي، اللتين تحاولان استدراك الوضع بجملة إجراءات تعبوية وتحشيدية، خوفاً من انفلات زمام التشكيلات التابعة لهما من أيديهما. ووفقاً لمصادر مطّلعة في عدن، فإن «قيادات سلفية بدأت جولة على المساجد بهدف حثّ المواطنين على التوجه نحو الجبهات، بعدما لوحظ أن أعداد المقاتلين بدأت بالتراجع»، مستدركة بأن «نسبة التفاعل مع تلك الدعوات لا تزال ضئيلة». ضآلة تعزوها المصادر إلى سببين: ضخامة أعداد الضحايا، و«التعامل مع المقاتل الجنوبي كمرتزق، وليس كمقاتل ضمن جيش رسمي». وهو تعامل لا يقتصر السخط بشأنه على الإمارات فقط، بل يشمل كذلك قيادات «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذين يسهّلون مهمة شركات الارتزاق، في ما يصفه شيخ قبلي من لحج بأنه «خيانة وطنية». واليوم، مع عزوف الشباب الجنوبيين عن القتال، تفيد المعلومات بأن قيادات «الانتقالي» يعودون إلى إغرائهم بالتوجه إلى الجبهات مقابل 1000 إلى 1500 ريال سعودي في الشهر.
في السياق نفسه أيضاً، يمكن إدراج إعلان «ألوية العمالقة» السلفية الموالية لأبو ظبي، أمس، الدفع بـ«تعزيزات عسكرية ضخمة» إلى الحديدة، «تمهيداً لبدء عملية تحرير المدينة». وادّعت تلك القوات، في تغريدات على «تويتر»، أن «ألوية العمالقة تطوّق الحديدة تطويقاً تاماً، وفي الأيام القريبة المقبلة سنقتحمها». ادعاءات ليس ثمة أساس من الواقع لإسنادها، إذ إن الميليشيات المدعومة إماراتياً لا تزال عالقة في النقاط التي بلغتها قبل أسابيع، حيث تتعرض لعمليات استنزاف كبيرة، آخرها ما سُجّل أمس في منطقة الجبلية جنوب التحيتا، والتي هاجم فيها مقاتلو الجيش واللجان مواقع القوات التابعة لـ«التحالف»، ما أدى إلى «سقوط قتلى وجرحى في صفوفها»، و«تدمير 3 آليات عسكرية». 
على خط مواز، واصل سفير فرنسا لدى اليمن، كريستيان تيستو، لقاءاته في صنعاء، حيث اجتمع برئيس مجلس النواب يحيى الراعي، ورئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور. ورغم أن مصادر دبلوماسية فرنسية ربطت الزيارة بـ«مسائل إنسانية»، إلا أن مصدراً يمنياً مطلعاً كشف، في حديث إلى «الأخبار»، أن الهدف الرئيس من خطوة تيستو طلب الإفراج عن فرنسيين محتجزين لدى سلطات صنعاء، التي كانت أعلنت قبل أسابيع أن القوات اليمنية احتجزت قارباً يقلّ فرنسيين في البحر الأحمر قبالة الحديدة. كما كشف المصدر أن السفير الفرنسي وجّه دعوة إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، وحكومة الإنقاذ، لحضور مؤتمر بشأن اليمن مقرر عقده في باريس في أيلول/ سبتمبر المقبل. لكن المصدر قال إن سلطات صنعاء لن تلبي الدعوة الفرنسية، «ليس فقط للأسباب اللوجستية المتصلة بالحصار، بل لعدم الارتياح إلى موقف فرنسا التي تُعدّ شريكاً في الحرب، تسليحياً ولوجستياً».

آخر الأخبار