مرضى الفشل الكلوي في إب الكارثة الإنسانية المنسية

العربي- صرخات ممزوجة بالألم، وبكاء يحمل في غزارة دموعه قصة معاناة إنسانية قاسية. هذا هو حال مرضى الفشل الكلوي في مستشفى «الثورة» العام بمحافظة إب، معاناة تجترح أخرى، ومئات المرضى في وحدة الغسيل الكلوي ينتظرون الموت المحقق، نتيجة نفاذ الأدوية والمحاليل المخصصة لجلسات الغسيل. الحاج ناجي أحمد، من أبناء محافظة إب، هو أحد ضحايا هذا المرض القاتل، وقد باتت حالته تزداد سوءً مع تقليل الجلسات التي كان يتلقاها في الوحدة. يقول في حديثه إلى «العربي»: «نحن نعاني من انعدام الأدوية والمحاليل الطبية المخصصة لنا، فيطلب منا شرائها من الخارج ونحن لا نستطيع ذلك، فالمرض أقعدنا، وبالكاد نوفر لقمة العيش لنا ولأسرنا، فكيف لنا أن نؤمن الأدوية باهظة الثمن». وضع صعب وتشهد وحدة الغسيل الكلوي، بمستشفى «الثورة» العام إقبالاً متزايداً للحالات المصابة، من محافظة إب والمحافظات المجاورة، الأمر الذي أدى إلى عدم قدرة الوحدة على تحمل أعباء إضافية. يقول مدير وحدة الفشل الكلوي في المستشفى الدكتور هيثم البخيتي لـ«العربي»: «لقد عانت بلادنا، ولا زالت من وطأة الحرب الدائرة في أكثر من محافظة، تاركة وراءها مآسٍ وأحزان ودمار هائل، انعكس سلباً على الحياة بكل صورها، ومن ضمن ما أنتجته الحرب، تفاقم الوضع المأساوي لمرضى الفشل الكلوي، وزيادة العوز الشديد في مركز غسيل الكلي». ويوضح «المركز يضم منذ يناير وحتى مارس 2018، 502 حالة مصابة بالفشل الكلوي من محافظة إب والمحافظات المجاورة، وغياب الأدوية ومستلزمات الغسيل الكلوي وعدم توفرها بصورة كافية، يهدد حياة المرضى بين الحين والأخر». تفاقم المعاناة توقف الأدوية والمحاليل المخصصة لجلسات الغسيل الكلوي، أدى إلى إطلاق «مركز غسيل الكلى» الكثير من المناشدات، لإنقاذ مئات المرضى الذين يواجهون الموت المحقق. يؤكد رئيس قسم الغسيل الكلوي رداد علوان لـ«العربي»، أن انقطاع المحاليل والأدوية يهدد بكارثة جماعية لحياة 500 مريض تستقبلهم الوحدة من محافظة إب والمحافظات المجاورة، فنتيجة لغياب الأدوية وتراجع جلسات الغسيل للمرضى توفي العشرات، وأصبحت حياة المئات مهددة بالخطر. ويطالب «المنظمات الدولية والمؤسسات الخيرية، بالتكاتف مع الوحدة لتوفير مواد ومستلزمات الغسيل الكلوي لتغطية احتياجات المرضى». إحصائية أخيرة ووفقاً لإحصائية حصل عليها «العربي»، فإن عدد المستفيدين من جلسات الغسيل الكلوي بلغ 312 رجلاً و190 أنثى، بينما بلغ عدد الحالات من محافظة إب 384 حالة، ومن محافظة تعز 101 حالة، ومن محافظة الضالع 9 حالات، ومن محافظة ذمار 6 حالات، ومن محافظة الحديدة حالتين، وبلغت أعداد الوفيات 109 حالة وفاة في 2016، و163 حالة وفاة في 2017، و36 حالة وفاة في 2018. صعوبة في الشراء بات البؤس والخوف ينشب أظافره في أجساد المرضى، وسط صعوبة توفير ثمن الأدوية من الصيدليات في الخارج، ويوضح عبد الرحمن علي لـ«العربي»، أنه «في كل فترة وأخرى تتوقف جلسات الغسيل، يطلب منا شراء الأدوية من الخارج، ونقوم بتسلف هذة المبالغ تارة وتارة أخرى لا نستطيع توفير ثمنها، نتيجة ارتفاع أسعارها». من جانبه يقول الطبيب المعالج في الوحدة جميل الورافي، إن «المركز والمرضى يعانون في أن واحد من عدم القدرة على شرى أدوية الغسيل الكلوي، نتيجة ارتفاع أسعارها فالوحدة دائماً ما تفتقر إلى أدوية الضغط باختلاف أنواعها وأسعارها، بما يناسب كل مريض منها أدوية الكالسيوم، والفيتامينات، إضافة إلى هرمون اليثروبيتين الخاص بالدم». مرض ونزوح الحرب لم تترك شيئاً لمرضى الفشل الكلوي، فقد فاقمت من معاناتهم في دائرة مجهولة مخيفة، حيث نزحوا من المحافظات التي تشهد موجة صراع دائم، وتشتد فيها المواجهات إلى محافظة إب لتلقي العلاج لتبدأ قصة معاناة نزوح مريرة مع المرض. قاسم علي، أحد النازحين من محافظة تعز يصف معاناته لـ«العربي» فيقول: «منذ اندلاع الاشتباكات في محافظة تعز، نزحنا إلى محافظة إب، وكانت معاناتنا صعبة وشاقة، فنحن لم نستطع تحمل ألم النزوح والم المرض مرة وحدة، إضافة إلى صراعنا الدائم في توفير الأدوية الخاصة بجلسات الغسيل، حيث تنفذ من فترة إلى أخرى الأدوية المخصصة لجلسات الغسيل، وهذا أمر يهدد حياتنا». ويطالب المنظمات الدولية والمحلية وفاعلي الخير، القيام بواجبهم الإنساني تجاه مرضى الفشل الكلوي، لإنقاذهم والتخفيف من آلامهم.

آخر الأخبار