معهد «الخليج العربي»: خطّة واشنطن بالشرق الأوسط غير واضحة

رأى معهد «الخليج العربي» في واشنطن أن الترحيب الحماسي الكبير من قبل العديد من قادة دول الخليج، الذي أعقب إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، أو ما يعرف بخطة العمل الشاملة المشتركة، «يثير أسئلة خطيرة تكمن في المسار الفعلي لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، واستعداد واشنطن لدفع الثمن المطلوب لتحقيق غايات تلك الدول بحقبة جديدة تهدف بشكل مباشر إلى صد الهيمنة الإيرانية على المنطقة، ولربما حتى إلى حملة لتغيير النظام في طهران».
ولفت المعهد إلى أنه «إذا كان الوضع الناشئ يحتوي على كل عناصر سيناريو افتراضي لتحقيق رغبات السعودية ودولة الإمارات، وربما بعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى _على الرغم من أن الرأي العام في مجلس التعاون الخليجي منقسم_ فإن النظر عن كثب يكشف عن احتمال حدوث المزيد من التحول المقلق للأحداث مع بداية انهيار الاتفاق النووي الدولي مع إيران».
وأشار المعهد إلى أن دول الخليج العربية وإسرائيل حلفاء واشنطن الرئيسيين في الشرق الأوسط، «كانت من أكثر الدول الفاعلة دوليّاً انزعاجاً من المفاوضات النووية مع إيران والاتفاق اللاحق، لكن أولوياتهم تباينت إلى حد ما، خاصة مع تطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة في العام 2015، حيث ركزت إسرائيل بشكل مباشر على مساعي إيران للحصول على سلاح نووي، بينما أعطت دول الخليج الأولوية للهيمنة الإقليمية الإيرانية المتزايدة ودعمها للجماعات المتطرفة غير الحكومية».
واعتبر المعهد أن «التحول الاستراتيجي المهم حدث منذ العام 2015، عندما تقاربت وجهات النظر الإسرائيلية من منظور دول الخليج العربي، في التأكيد على الحاجة إلى احتواء نفوذ إيران المتزايد والتصدي له، خاصة مع سقوط الأجزاء التي يسيطر عليها المتمردون في حلب في يد القوى الموالية للنظام السوري، وانهيار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في غرب العراق وشرق سوريا العام 2017، حيث استولت القوات الموالية لإيران على مواقع إستراتيجية على جانبي الحدود العراقية السورية».
وكشف المعهد عن أنه «وبينما كان قادة إسرائيل السياسيون، يريدون من ترامب التخلي عن الاتفاقية ببساطة، فإن العديد من الأصوات العربية الخليجية كانت تنصحه في استخدام الاتفاقية كوسيلة للضغط على السياسات الإقليمية الإيرانية المُزعزِعة للاستقرار، وأنه وعلى الرغم من حصول الحكومة الإسرائيلية على ما تريده بالضبط، فإن العديد من عرب الخليج يشعرون بالسعادة من إدانة ترامب القوية لأجندة إيران الإقليمية، وخاصة أنشطتها في سوريا، واليمن».
وأوضح المعهد أن من وصفهم بـ«المتحمسين» في تل أبيب، والرياض، وواشنطن «يؤملون في أن يباشر ترامب تعهده بفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران، لاستنزافها، حتى ينعكس ذلك على توسعها الإقليمي، إلى جانب اتخاذ إجراءات عسكرية إقليمية محدودة ومحددة ضد الأطراف النشطة غير الحكومية المؤيدة لها، للتقليل من بعض المكاسب التي حققتها في سوريا واليمن والعراق وحتى لبنان، لتنسجم مع السخط الشعبي الإيراني والانقسامات السياسية لخلق جو من التغيير الشامل في السياسة الخارجية، إن لم يكن تغيير النظام في طهران».
لكن المعهد استبعد أن «يفضي إعادة، أو حتى توسيع العقوبات التي رفعتها خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى أيٍ من تلك النتائج»، مؤكداً على أن « توقيع المذكرات الرئاسية والأوامر التنفيذية أمر سهل، لكن مواجهة إيران على الأرض في المنطقة ستكون أصعب بكثير». 
وبيّن المعهد الأمريكي أنه «إذا كانت واشنطن تأخذ على عاتقها زمام المبادرة في حملة واسعة ومستمرة للضغط على إيران في عدة جبهات، فإن كلا جانبي النزاع الداخلي في دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يتوقعا ضغوطًا كبيرة»، مشدداً على أنه «يتعين على قطر أن تكون حذرة للغاية بشأن الحد من علاقتها مع طهران، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية، وما يدفع المواقف نحو نزاع محتمل مع إيران».
ونوه معهد «الخليج العربي» إلى أن اليمن هي البقعة الأكثر سخونة، حيث تحارب القوات السعودية والإماراتية مجموعة من الأعداء بمن فيهم «أنصار الله» و«القاعدة»، مشيراً إلى أن «الضربات الصاروخية ضد السعودية أصبحت حدثاً منتظماً، ومن السهل أن نتصور تكثيفًا لمثل هذه الهجمات، كما يمكن للصراع بالوكالة أن ينتشر في العراق، وسوريا، وربما في البحرين». مؤكداً على أن إيران «تمتلك الكثير من الموارد المعتبرة، في حين ستكون الأهداف العربية الخليجية هي الأضعف، وبالتالي فهي مغرية للاستهداف، في حال اشتداد الصراع بشكل كبير».
وأوضح المعهد أن «الأماني كبيرة في أن يؤدي الانسحاب الأمريكي من خطة العمل الشاملة المشتركة إلى إطلاق حملة جديدة كبيرة للضغط على إيران، من خلال خطة بديلة تكون عمليّة ومتماسكة بقيادة الولايات المتحدة»، محذراً من «عواقب كارثية إن ثبت أن واشنطن تفتقر إلى الرؤية أو الالتزام أو القدرة على شن مثل هذه الحملة». 
وشدد المعهد على أنه «لا يمكن لأي من الدول الخليجية المساندة لهذه المواجهة أن تتغلب على طهران وحدها، كما لا يمكنها الاعتماد على إسرائيل، كونها تعتمد على واشنطن لاستخدام أكبر قدر ممكن من قوة الولايات المتحدة لضمان أن يتم، على الأقل، إعادة ترتيب المشهد الاستراتيجي بما يكفي لجلب إيران إلى شروط معقولة معهم».

آخر الأخبار