«مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية»: ترك اليمن في عزلة خطاً فادح

 لفت «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» في واشنطن، إلى أن «العديد من الأمريكيين يريدون غسل أيديهم من الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «اليمن الفقير والعنيف والممزق من قبل الوكلاء، سيكون منطلقاً جيداً للبدء في ذلك»، ولكنه شدد في مقابل ذلك، على أن «ترك الولايات المتحدة لليمن في الوقت الحالي سيكون خطئاً فادحاً»، وشدد على أن الولايات المتحدة «يجب أن تبحث عن طرق ذكية لفعل المزيد، وأن تفعل ذلك الآن».
وأِشار المركز الأمريكي، إلى أن «اليمن الدولة الفقيرة بالنسبة لكل من يتذكره، وعلى الرغم الثروة التي يمتلك هذا البلد، فأن معظم أبنائه، وخاصة الذين هم في المنطق الريفية يعيشون في عزلة صعبة منذ قرون، وعندما اجتاحت الاحتجاجات العالم العربي في عام 2011، كان دخل الفرد اليمني السنوي هو الأدنى في أي دولة عربية بما يعادل حوالي 1300 دولار، وعندما أجبرت تلك الاحتجاجات الرئيس علي عبد الله صالح للتنازل عن منصبه بعد 33 سنة كان اليمنيون متفائلين بحذر من تحسن الأوضاع، لكنّ المفسدين ظهروا من بين أولئك الذين احتفظوا بالسلطة والذين كانوا يتطلعون إليها».
وذهب المركز إلى التأكيد على أنه «وبعد ثلاث سنوات، لا يزال اليمن في خضم الصراع، حيث تقدر الأمم المتحدة أن ثلاثة أرباع اليمنيين يحتاجون إلى نوع من المساعدة الإنسانية العاجلة، فضلاً عن انتشار أمراض الإسهال، والخناق تنتشر، وتدمير الشبكة الكهربائية في نواحٍ كثيرة من البلاد، في حين بات الحصول على الغذاء والمياه النظيفة صعباً في العديد من المناطق».
واعتبر المركز أن «اليمن يمثل بالنسبة للبعض نموذجاً مصغراً للشرق الأوسط بأكمله، من حيث، الكراهية التي ترعرعت منذ زمن طويل، والتي طفت على السطح ممزوجة بوحشية وتطرف فطري، وتغذيها حرب بالوكالة، لكن وبدلاً من الخوض في الأمر، فإن الغريزة تدفع نحو تركه في عزلة وانتظار أن يحرق نفسه».
وحذر المركز من أنه «لا يمكن، تجاهل الصراع في اليمن وتركه في عزلة مع مشاكله، لعدة اعتبارات أهمها، وقوعه على حافة باب المندب، وهو ممر ملاحي هام على البحر الأحمر يؤدي إلى قناة السويس، حيث تمر معظم الشحنات الآسيوية إلى أوروبا، وكذلك الملايين من براميل من النفط يومياً»، كما حذر المركز أيضاً من أن «بقاء اليمن في عزلة عن العالم، فإن ارتباطه بالإرهاب، كافٍ لتمكين الإرهابيين من الاستفادة في فراغ السلطة في بعض المناطق لتخطيط وشن هجمات مذهلة ضد الولايات المتحدة وحلفائها».
وأشار المركز، إلى أن الأهم من ذلك هو «أن اليمن أصبح فخاً لحلفاء الولايات المتحدة وملعباً لأعداء الأمريكيين، حيث تنفق السعودية خمسة مليارات دولار شهرياً على عملياتها في اليمن، في حين يجذب ذلك انتقادات قاسية لاستهدافها العشوائي في معظم الأحيان، واللامبالاة بالمعاناة الإنسانية».
وأكد المركز الأمريكي، على أن «تحديات اليمن صعبة، لكنها ليست مستعصية على الحل»، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي قد استوعبت في أنها لا تستطيع أن تقصف طريقها إلى النصر في اليمن، كونها تعهدت أخيراً بدعم كبير للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة، ما يشير إلى أنها لن تسعى بعد الآن لاستخدام المساعدات كأداة سياسية، في حين يبدو أن الحوثيين مضغوطين على نحو متزايد لإدارة المناطق التي يسيطرون عليها، خاصة منذ أن انشق الرئيس السابق صالح عنهم في أواخر عام 2017، حيث مثّل ذلك ضربة قاسية لهم».
ونوه المركز إلى أن «تدخل مبعوث الأمم المتحدة الجديد، الذي يطمح لبدء حوار سياسي واسع، وكذا وصول المنسق الجديد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والذي يتمتع بالمصداقية مع الخصوم الرئيسيين في الصراع، إضافة إلى بعض الأمور البسيطة مثل إمدادات المياه المعالجة بالكولور، واستبدال شبكات المجاري المتضررة، يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً وبسرعة، كما أن استعادة أسواق العمل وفتح تدفق الإمدادات سيخفف العناء على السكان، ويقلل من قوة أمراء الحرب».
وشدد المركز على أن حل القضايا في اليمن «سيستغرق سنوات، وقد تكون هناك حاجة إلى قرار جديد من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو مصمم على نحو أوثق للوجوه السياسية الحالية، ما يضع المعرقلين في وضع حرج»، مؤكداً على أن «انفصال الجنوب لا يمثل تحديّاً سياسياً دائماً فحسب، بل إن الصراع قد مكّن أيضا مجموعة من الجهات الفاعلة، التي لا يمكن توقع ما يمكن أن تحدثه».
وبيّن المركز إن ما يدعو إليه، «لا يمكن اعتباره نوعاً من الجهود الاستعمارية الجديدة التي ستحاول بها الولايات المتحدة إصلاح ما يمكن إصلاحه في اليمن، كما أنه لا يدعو إلى صرف مليارات الدولارات الأمريكية في تلك العملية»، مشيراً إلى أن «ما تحتاجه اليمن هو قيادة الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين ذوي الأفكار المتشابهة، والشركاء الخليجيين، وفي منظومة الأمم المتحدة للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن تعزيز الحوار الوطني الجديد، ما يسمح بالوصول إلى الغذاء والدواء وإعادة تكوين الاقتصاد».
وختم مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية تحيليه، بالتأكيد على أنه «لا يمكن لأي بلد آخر أن يركز الاهتمام مثل الولايات المتحدة، حيث تريد كل الدول مشاركة في اليمن أن تحدث الولايات المتحدة شيئاً يمكن أن يكون حافزًا للتغيير»، موضحاً أن «المشكلة الآن قد تكون جاهزة للتحسين، معتبراً أن «تحسين الظروف في اليمن من شأنه أن يؤدي إلى تقدم مجموعة واسعة من المصالح الأمريكية، التي قد تطلب المزيد من الاهتمام أكثر مما حصل».

آخر الأخبار