تفاصيل عملية اغتيال الصماد: اليمن على فوهة التصعيد

من بين أكثر من 150 الف طلعة جوية لطيران «التحالف» الذي تقوده السعودية منذ الـ26 من مارس 2015، تحقق منظمات دولية بـ16 الف غارة أصابت أهدافاً مدنية وخلَّفت الآف القتلى والجرحى. وبرغم مضي شهور من رصد «التحالف» ملايين الدولارات لمن يدلي بمعلومات تمكنه من قتل 40 قيادياً في «أنصارالله» وفشل في الوصول اليهم، أعلن « المجلس السياسي » بصنعاء مساء أمس الإثنين مقتل رئيس المجلس صالح الصماد بغارات جوية نهار الخميس في الـ19 من أبريل الجاري. وهو الرجل الثاني في قائمة «التحالف» الذي خصص لرأسه 20 مليون دولار. 
تضاربت الروايات بشأن مقتل الصماد وأخضعت للتوظيف السياسي بما يخدم مصالح خصوم «أنصارالله»، لكن مصادر «العربي» أكدت أن الحقيقة وردت على لسان زعيم الحركة عبدالملك الحوثي في كلمته المقتضبة مساء أمس، والذي قال، إن «صالح الصماد استشهد مع 6 من مرافقيه نهار الخميس الماضي بـ3 غارات في شارع الخمسين بمدينة الحديدة». 
«العربي» حصل على تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الصماد، مع صور المكان والسيارة التي كان يستقلها، وبحسب المعلومات، فإن الصماد كان في زيارة لمدينة الحديدة لحشد أبنائها لـ«مسيرة البنادق» المقررة غداً الأربعاء، والهادفة الى مواجهة التصعيد الذي تقوده الإمارات في الساحل الغربي. 
وتضيف المعلومات أن الصماد «عاد من جامعة الحديدة في الساعة الواحدة ظهراً متوجها الى فندق الإتحاد في شارع الخمسين، وعند وصوله الى جولة الأقرعي، قصف الطيران الطقم الذي كان يستقله الصماد، فتوقف طقم الحراسة الشخصية الذي كان يتبعه، وسعى من كانوا على متنه لإنقاذ الصماد، فاستهدفتهم الغارة الثانية، وحين لجأ سائق الطقم الثاني للإحتماء بجوار هناجر الحبشي للحديد، الواقعة في واحدة من زوايا جولة الأقرعي استهدفه الطيران بغارة ثالثة». وعن المرافقين الـ6 الذين قتلوا معه، قالت المصادر إن «واحداً منهم من أسرة شرف الدين و2 من بيت الزباع من منطقة سنحان بصنعاء، و3 من أبناء منطقته بني معاذ مديرية سحار محافظة صعدة».
أمريكية من دون طيار
قيادي رفيع في «أنصارالله»، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، قال لـ«العربي»، إن «الرئيس الشهيد صالح الصماد قتلته الاستخبارات الأمريكية، وأن الطائرة التي استهدفته مسيّرة من دون طيار»، مؤكداً أن «السعودية والإمارات لا تملكان التقنية التي تمكنهما من تنفيذ هذه العملية، ومقاطع الفيديو التي نشرها تحالف العدوان كشفت ومن دون شك أن الطائرة أمريكية. حيث أظهرت بوضوح ودقة استهداف السيارة الأولى وبعدها استهداف المرافقين، وما نعهده من مقاطع الفيديو للتحالف أنه لا يظهر بها سوى مربعات تستهدفها الغارات ولا يتبين منها الأهداف. وفي عملية استهداف الرئيس الصماد قصف موكبه بـ3 غارات في جولة رئيسية وسط مدينة الحديدة».
القيادي أشار الى أن الصماد وفي آخر كلمة له، دعا أبناء محافظة الحديدة الى الخروج في «مسيرة البنادق» غداً الأربعاء، قائلاً: «نريد منكم يا أبناء الحديدة هذا الأسبوع أن توجهوا رسالة للسفير الأمريكي مفادها: سنستقبلك بخناجر بنادقنا».
كما أكد أن التصعيد في الساحل الغربي والعملية العسكرية المرتقبة على الحديدة تدار من القاعدة الأمريكية في جيبوتي، وأن السيطرة على باب المندب والتحكم في خط التجارة والملاحة في البحر الأحمر هدف أمريكي، فيما الإمارات ليست سوى أداة لأمريكا لتحقيق مطامعها في المنطقة وتجنيد المرتزقة خدمة لأهدافها.
وسط النار وتحت القصف 
عرف عن صالح الصماد شجاعته منذ أن برز اسمه كقائد ميداني لجبهة سحار في مواجهة قوات «نظام صنعاء» في الحرب الرابعة عام 2007. وفي العام 2008، كان المسؤول الإجتماعي لـ«انصارالله» نظراً لما أظهره من نجاح في حشد المناصرين للحركة. وفي العام 2009 كان المسؤول الثقافي لـ«انصارالله»، فهو خطيب وحاصل على البكالريوس في اللغة العربية من جامعة صنعاء. وفي العام 2010 كلف من قبل زعيم «انصارالله» بالتخاطب مع لجان الوساطة التي قدمت من صنعاء لإعادة تطبيع الأوضاع في صعدة بعد الحرب السادسة، ومع انخراط «انصارالله» في «مؤتمر الحوار الوطني»، كان الصماد رجل الظل المشرف على رؤى الحركة لحل الأزمة اليمنية، ومقترحات شكل النظام السياسي بتفويض من زعيمها عبدالملك الحوثي. 
ومع توافق «انصار الله» و«حزب المؤتمر» على تشكيل تحالف لمواجهة الحرب على اليمن، توافق الطرفان على تولي الصماد رئاسة «المجلس السياسي» منتصف العام 2016، ومنذ ذلك التاريخ أدار المجلس بتوازن، وحقق نجاحات في الجانب السياسي والإداري والإقتصادي برغم الحصار وشحة الإمكانيات. ولم يغفل الصماد الجانب العسكري، وهو الذي زار كافة الجبهات بما فيها خط المواجهة مع القوات السعودية في جيزان، وظهوره في العام 2017 في مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» التابعة لحكومة «الإنقاذ» في جبال الدخان والرميح والدود بسلاحه الشخصي، وطقماً يقوده بنفسه. 
شجاعة الصماد وعدم اهتمامه بالإحترازات الأمنية، وعدم التكتم على تحركاته في صنعاء وتنقلاته بين المحافظات تحت قصف طيران «التحالف»، هو ما سهل عملية استهدافه يوم الخميس وسط مدينة الحديدة .
مرحلة تصعيد
توافق أعضاء «المجلس السياسي» ومجلس «الدفاع الوطني» بصنعاء مساء أمس الإثنين على تولى القيادي في «انصارالله» مهدي المشاط رئاسة المجلس.
وكشفت مصادر مقربة من الحركة، أن المشاط رجل حرب أكثر منه رجل سياسة، وأن المرحلة القادمة ستشهد تصعيداً عسكرياً في مواجهة «التحالف»، ومزيداً من استهداف السعودية بالمزيد من الصواريخ، مضيفة أن المشاط «ليس من أسرة هاشمية كما يتداول، ولكنه من أسرة فلاحية من منطقة بني نوف مديرية حيدان محافظة صعدة». وشغل منذ الحرب الثانية منصب مدير مكتب زعيم «أنصارالله» حتى العام 2014، حيث انتقل الى صنعاء عضواً في المكتب السياسي للحركة، وعضواً في وفدها المفاوض، وبعدها عضواً في المجلس السياسي بصنعاء والآن رئيساً له.

(العربي)

آخر الأخبار