التقارب السعودي - الإسرائيلي

رأى «معهد الخليج العربي» في واشنطن، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أثار الكثير من الدهشة بتعليقاته الأخيرة لرئيس تحرير صحيفة «ذي أتلانتك»، بقوله :«أعتقد أنه يحق لكل شعب، أينما وجد، أن يعيش في بلاده بسلام. أعتقد أنه من حق الفلسطينيين والإسرائيليين امتلاك أرضهم الخاصة، ولكن من الضروري أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية».
واعتبر المعهد تلك اللغة تصالحية على غير العادة، وأضاف متسائلاً «هل فتح محمد بن سلمان بهذا آفاقاً جديدة؟»، ونوه إلى أن «التمييز بين ما هو متناسب وما هو جديد يوفر مقياساً مهماً لسياسات السعودية تجاه إسرائيل، التي كثيراً ما يساء فهمها».
وأشار المعهد الأمريكي، إلى أن محمد بن سلمان «لم يغّير من الموقف السياسي السعودي الجوهري، ولم يبدل أيضاً من حصيلة الدبلوماسية الملموسة المعروضة، بل كرر التزام المملكة العربية السعودية بحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين»، مبيناً أن هذا هو الموقف العربي الفعلي منذ أن بدأت الحكومات العربية بقبول قرار «مجلس الأمن الدولي» رقم 242، الذي ينص على مبدأ «الأرض مقابل السلام»، باعتباره الإطار الأساسي للسلام العربي - الإسرائيلي. 
وأكد المعهد على أنه «لا يوجد فيما قاله محمد بن سلمان ما يتجاوز الموقف السعودي القائم، منذ أن اعتمدت مبادرة ولي عهد السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز في العام 2002، والتي كانت بمثابة التخلي نهائيًّا عن اللاءات الثلاث، التي اعتمدتها الدول العربية بعد حرب عام 1967، وهي (لا اتفاقيات سلام مع إسرائيل، لا تفاوض مع إسرائيل، ولا اعترافا رسمياً بإسرائيل)، لكن المعهد اعتبر أن مقابلة ابن سلمان «أوجدت أرضية جديدة على أسس متناغمة مع المواقف المتعلقة بالأفكار الأساسية التي توجه هذه السياسات نفسها».
وأوضح المعهد، أن «وضع ابن سلمان لليهود الإسرائيليين ضمن شعوب العالم الذين لهم الحق في العيش في وطنهم بسلام، وجماعة عرقية قومية مشروعة ذات طموحات وحقوق وطنية طبيعية، يترتب عليه أن إسرائيل ليست دولة خارجية مفروضة أو بلداً زائفاً قوياً، وأنه علاوة على ذلك، فإن القومية اليهودية الإسرائيلية، وهي ما تعنيه الصهيونية الآن، على حد تعبير محمد بن سلمان، هي في جوهرها عادية وند للفلسطينيين، أو أي نوع آخر من القوميات الحقيقية».
ونوه المعهد إلى أنه «ليس من المستغرب أن يكون محمد بن سلمان هو أول زعيم عربي كبير له تطلعات قيادية إقليمية لإضفاء صفة لا لبس فيها على أن إسرائيل والقومية اليهودية هي واقع سياسي آخر في الشرق الأوسط، تماماً مثل أي عنصر شرعي آخر».
وأرجع المعهد أسباب ذلك «لكون ابن سلمان في الثانية والثلاثين من العمر، وينتمي إلى جيل جاء بعد فترة طويلة من الحروب العربية الإسرائيلية الكبرى، ويتعامل مع إسرائيل كحقيقة ثابتة ومبادرة السلام العربية كأساس للسلام العربي».
واستبعد «معهد واشنطن» ما ذهب إليه العديد من المعلقين «الذين سارعوا بمختلف وجهات نظرهم إلى إعلان عن تقارب إسرائيلي - سعودي كأمر واقع»، مشدداً على أن السعودية ودول الخليج الأخرى، سيحتاجون كما أشار محمد بن سلمان، إلى جهود سلام قوية، وإلى اتفاقية في نهاية المطاف، لإعادة هيكلة العلاقات مع إسرائيل بشكل ملحوظ.
وأرجع المعهد الأمريكي ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسة، أولها، خطر حدوث ردة فعل سياسية عكسية. وثانيها، أن قادة الخليج هم عرب، وبالتالي هم يهتمون في نهاية المطاف بفلسطين والفلسطينيين. وثالثها، وهو الأهم أن قادة الخليج يقرّون بأن الاحتلال الإسرائيلي المستمر هو متغير يزعزع الاستقرار إلى حد كبير، ويدركون أنه لا يمكنهم تحقيق الأمن الذي يصبون إليه من دون حل القضايا الفلسطينية، على الرغم من تجاهله في أغلب الأحيان.
وختم «معهد واشنطن» بالتأكيد على أن تعليقات محمد بن سلمان في صحيفة «ذي أتلانتك»، توضح مدى تطور المواقف الخليجية والعربية الأخرى فيما يتعلق بإسرائيل، وحتى الصهيونية، من العقيدة العربية التقليدية. واعتبر المعهد أن ذلك «يعد شيئاً جديداً»، ولكنه شدد على أن «الذي لم يتغير، هو أن على إسرائيل أن تتصالح مع الفلسطينيين إذا أرادت بناء علاقة طبيعية، بصرف النظر عن التعاون مع المملكة العربية السعودية والعالم العربي».

آخر الأخبار