«ذي إيكونوميست»: ما علاقة النزاع بين أبوظبي ومقديشو بالأزمة الخليجية؟

توقفت مجلة «ذي إيكونوميست» عند الإنشاءات التي تجريها شركة «موانىء دبي العالمية» في ميناء بربرة، التابع لأراضي ما يعرف بـ جمهورية «أرض الصومال»، مضيفة أن المشروعات التي تنفذها حكومة الإمارات العربية المتحدة في تلك المنطقة، والتي تشمل أعمال بناء الميناء، وتدشين قاعدة عسكرية للقوات الإماراتية، «تحمل تذكيراً قوياً بكيفية إسهام الأموال القادمة من (دول) الخليج في تغيير منطقة القرن الافريقي»، من جهة، و«تنذر بمخاطر إذكاء الصراع بين الحكومة الفيدرالية الصومالية، الضعيفة، ولكن المعترف بها دولياً، في مقديشو، وبين الأقاليم المضطربة، والساعية للانفصال» داخل البلاد، من جهة ثانية.
وأوضحت المجلة البريطانية أن مشروع تطوير ميناء بربرة، بتكلفة تقدر بـ 450 مليون دولار، والذي يعد «أكبر استثمار في أرض الصومال» منذ إعلان إنفصال الإقليم عن جمهورية الصومال من جانب واحد في العام 1991، من شأنه أن «يحول الميناء إلى أحد أكبر موانىء شرق افريقيا»، مشيرة إلى أن الميناء المذكور «إكتسب أهمية إضافية» بالنسبة للحكومة الإماراتية، منذ فبراير الفائت، وذلك إبان طرد شركة «موانىء دبي العالمية» من جيبوتي، البلد المجاور للصومال، حيث كانت الشركة تدير الميناء الرئيسي لتلك الدولة الواقعة على الساحل الشرقي الافريقي منذ العام 2009.
ومع الإشارة إلى أن جيبوتي، تستضيف قواعد عسكرية بحرية تابعة لقوى أجنبية مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، كما تتولى إدارة ما تصل نسبته إلى 90 في المئة من إجمالي التجارة البحرية لحكومة إثيوبيا المجاورة، لفتت «ذي إيكونوميست» إلى أن «المسؤولين في إقليم أرض الصومال ربما يأملون في الظفر ببعض تلك الحركة (التجارية)، التي تستأثر بها جيبوتي، حيث بادرت إثيوبيا في مارس الفائت إلى الاستثمار في الإقليم عبر إعلانها شراء نسبة 19 % من إجمالي أسهم ميناء بربرة، شارحة أن تعاطي الحكومة التابعة للإقليم يعد يتسم بالهدوء، وعدم الحدة حيال الموضوع». 
وفي هذا السياق، أفاد نائب وزير خارجية «أرض الصومال»، ليبان يوسف عثمان، مظهراً استخفافه بحكومة مقديشو التي «لا تستطيع فرض سيطرتها حتى على عشرة كيلومترات مربعة من مقديشو»، ومتجاهلاً موقفها الرافض للاتفاقية الموقعة مع الإمارات العربية المتحدة في شأن ميناء بربرة. 
وأردفت «ذي إيكونوميست» أن مشروع تطوير ميناء بربرة، برعاية أبوظبي، بات «يزعج المسؤولين السياسيين في مقديشو، الذين يخشون فقدان المزيد من سلطتهم، الهزيلة أصلاً»، على نحو أدى إلى تصويت البرلمان الصومالي في الشهر الماضي على قانون يمنع شركة «موانىء دبي العالمية» من العمل على أراضي الجمهورية، قبل أن تعمد حكومة مقديشو في الثامن من الشهر الجاري إلى احتجاز طائرة تابعة للإمارات العربية المتحدة، والإستيلاء على مبلغ يقدر بـ 9.6 مليون دولار، كانت تتولى نقله إلى قوات عسكرية، مدربة إماراتياً، في إقليم بونتلاند، شمال شرق الصومال، ليعلن وزير الدفاع الصومالي في الحادي عشر من الشهر نفسه عن إيقاف العمل ببرنامج تدريب جنود صوماليين، بتمويل من الحكومة الإماراتية.
وأشارت «ذي إيكونوميست» إلى وجود عناصر خارجية في ملف أزمة ميناء بربرة. ولفتت إلى أنه «في واقع الأمر، أن الحكومة في مقديشو تعيش حالة من الفوضى، وذلك يعود جزئياً إلى المناورات المستمرة من قبل السياسيين الممولين من الخارج»، مشيرة إلى أن الأزمة السياسية الأخيرة بين رئيس البرلمان المستقيل محمد عثمان جواري من جهة، وبين رئيسي الوزراء، والجمهورية حسن علي خيري، ومحمد فارماجو، من جهة ثانية تحمل ارتباطات بالأزمة الخليجية، خصوصاً وأن جواري «رأى في الأمر فرصة من أجل تحصيل المزيد من النفوذ للبرلمان عن طريق إجراء تصويت رمزي على صفقة الميناء، من دون التشاور مع الحكومة».
وفي هذا الإطار، أوضح راشد عبدي، وهو باحث في «مجموعة الأزمات الدولية»، أن «النزاع (بين حكومتي مقديشو وأبوظبي) يؤدي إلى دق إسفين كبير بين الحكومتين المذكورتين»، لا سيما وأن بعض السياسيين الصوماليين، يتقاضون الأموال من قطر، غريم الإمارات العربية المتحدة، وأن تركيا، التي تعد «غريماً آخر» لأبوظبي، تعد «أحد أكبر المستثمرين الأجانب» في الصومال.
وبحسب المجلة، فإن عدم مقدرة حكومة مقديشو على تقديم الكثير من الأمور لمناطق وأقاليم الصومال، «يسمح للإمارات العربية المتحدة بالانقضاض (على البلاد)، وسد الثغرات» المترتبة عن غياب وضعف الحكومة المركزية، ذلك أنه «كلما زادت الفوضى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، من الناحية الظاهرية، كلما قلت حوافر الأقاليم مثل (إقليم) أرض الصومال، للاهتمام بما يفكر فيه السياسيون» في العاصمة.

آخر الأخبار