السيد نصر الله: نحن أمام فشل سعودي ذريع وواضح وانتصار يمني صريح وواضح

أكد الأمين العام لحزب الله في لبنان سماحة السيد حسن نصر الله، أننا "أمام فشل سعودي ذريع وواضح وانتصار يمني صريح وواضح".. مطالبًا دول العالم وخاصة في العالم الإسلامي بأن تعمل على فكّ الحصار الظالم المفروض على الشعب اليمني.
جاء ذلك في كلمة متلفزة ألقاها عبر شاشة قناة «المنار» مساء الثلاثاء، تناول فيها التطورات الراهنة في المنطقة مركزًا بشكل خاص على العدوان الوحشي الذي يشنه نظام آل سعود، على الشعب اليمني تحت مسمى «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل».
وقال السيد نصر الله: قبل 40 يوماً أعلن النظام السعودي حربه على اليمن، تحت اسم عاصفة الحزم، وحدد لها رسمياً مجموعة من الأهداف أعلنها الناطق الرسمي، أعلنها بيان التحالف، وأيضا الإعلام السعودي، فضائيات عاصفة الحزم كما أسميها. المسؤولون السعوديون في مناسبات مختلفة تحدثوا عن تلك الأهداف. بعد 26 يوماً من العدوان، يعني من تاريخ 21 نسيان 2015 أعلن التحالف العدواني انتهاء عاصفة الحزم لأنها بحسب قوله حققت كامل أهدافها، وبالتالي أعلن الانتقال إلى عملية جديدة سماها عملية إعادة الأمل للشعب اليمني، والتي حدد لها أيضاً أهدافاً معينة نأتي على ذكرها بعد قليل.
منذ ذلك الوقت ما زالت ما يسمى بعملية إعادة الأمل مستمرة، يعني العدوان ما زال مستمراً. نحن مجدداً أمام عملية خداع وتضليل كبيرة جداً، تمارس منذ أيام، يعني منذ إعلان انتهاء عاصفة الحزم إلى اليوم، وهذا الخداع طبعاً كبير وخطير جداً، يجب أن نتوقف عنده قليلاً جداً في نظرة تقييمية، وبعده نختم في الموضوع اليمني في موقف أدعو إليه.
عندما نأتي إلى العنوان الأول، الادعاء السعودي بتحقيق كامل الأهداف، هذا أكبر خداع وتضليل يمارس منذ وقف عاصفة الحزم نظرياً. يعني الناطق الرسمي، الإعلام السعودي، المسؤولون السعوديون، الإعلام العربي، قوى سياسية، كتاب صحافيون، "مسّيحو جوخ" كثر، كلهم تحدثوا وباركوا وهنأوا بالانتصار العظيم الذي حققته السعودية خلال 26 يوماً على اليمن تحت اسم عاصفة الحزم التي حققت كامل أهدافها، وهذا ما أعيد ذكره اليوم في قمة مجلس التعاون الخليجي. يعني التأكيد على أن عاصفة الحزم حققت كامل أهدافها.
للأسف الشديد أن هذا الموضوع في العالم العربي وفي العالم الاسلامي وفي العالم كله، ولأن إعلام الفريق الآخر، ونحن نعترف أن إعلام فريقنا عموماً أو الفريق المعتدى عليه في هذه الحرب ليس بقوة ولا بامكانيات ولا بامتدادات ولا بسعة إعلام عاصفة الحزم. حسناً، هل يقبل أي إنسان بهذا الخداع  وهذا التضليل؟
وتابع: أنا كمواطن عربي يحق لي أن أسأل طالما أن المعركة باسم العرب والعروبة، دلّوني على الأهداف التي تحققت. دلوني على كامل الأهداف التي تحققت. وليس بعد 26 يوماً من بدء العدوان بل إلى اليوم الأربعين من بدء العدوان؟ حسناً ليس كل الأهداف، بل دلوني على هدف واحد تحقق منذ بداية العدوان إلى انتهاء عاصفة الحزم إلى اليوم، يعني بعد أربعين يوماً، هل أعادت السعودية أو النظام السعودي حلفاءها في الشرعية المدعاة إلى اليمن؟ هل أعادت عبد ربه منصور إلى اليمن، إلى عدن أو إلى صنعاء؟ هل تمكنت من منع تمدد الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى حيث يريدون التمدد؟ هل صادرت سلاح أنصار الله كما ورد في أهداف عاصفة الحزم؟ هل تمكنت من تحقيق أي من الأهداف التي ذكرتها، يعني بقية الأهداف، يوم الجمعة نحن تكلمنا وغيرنا تكلم وذكرنا وعددنا ما ذكروا من أهداف، لم يتحقق شيء على الإطلاق، هل استطاعوا في الهدف الحقيقي أن يعيدوا هيمنتهم على اليمن؟ لم يستطيعوا. هل طردوا أو قضوا على الهيمنة الإيرانية المفترضة المدعاة المتوهمة؟ بكل بساطة لننتهي من الخداع الأول ونقول دلوني على هدف واحد وليس عن كامل أهداف عاصفة الحزم قد تحقق حتى الآن وليس ما قبل بدء ما سمي إعادة الامل. طبعاً في هذه النقطة نحن أمام فشل ذريع وواضح وانتصار يمني صريح وواضح أيضاً، وهذا الفشل السعودي سببه الأول وبالدرجة الأولى بعد فضل الله سبحانه وتعالى هو ثبات اليمنيين وصمودهم وصلابتهم وشجاعتهم وتماسكهم واحتضان الشعب اليمني للجيش واللجان الشعبية. هذا هو السبب، الذي منع تحقيق أي من أهداف عاصفة الحزم، قد تكون هناك أسباب أخرى ولكنها تبقى أسباب معينة ومساعدة. إذاً حتى هذه النقطة نحن أمام فشل وهزيمة واضحة وانتصار يمني واضح، هنا نتكلم عن جولة ولم نتكلم بعد عن كل الحرب.
العنوان الثاني: الجولة الثانية تحت عنوان عاصفة الأمل، هنا أيضاً خداع آخر للتغطية على الفشل الذي حصل في الجولة الأولى وللتغطية أيضاً على العجز الذي بدأ في الجولة الأولى، يعني هذا النظام ومن معه أدركوا جيداً أنهم عاجزون عن تحقيق هذه الأهداف. حسناً، هم وضعوا أهدافاً كبيرة، أهدافاً تحتاج إلى حرب طويلة وأيضاً إلى عملية برية واسعة، وهم لا يجرؤون على هذه العملية البرية الواسعة، وما زالوا يبحثون عن جيوش يستأجرونها، وقد سمعنا في هذا اليوم أو أمس أن بعض الجنود السنغاليين سيأتون ليقاتلوا في السعودية.
على كل حال انتقلوا إلى وضع أهداف تحت عنوان عملية إعادة الامل إلى وضع أهداف تبدو متواضعة وقابلة للتحقق. يعني هنا الخداع، الخداع هو أنهم غيّروا عنوان العملية أو الحرب من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل، اعتبر أن أهداف عاصفة الحزم كلها تحققت، وضع أهدافاً متواضعة لعملية إعادة الأمل، حتى لا يطالب بالفشل لاحقاً لأن هذه الأهداف المتواضعة يمكن له أن يدعي أنه يحققها أو ينجزها.
وقال السيد نصر الله: لو أتينا إلى هذه الأهداف، بالنص الذي أعلنوا فيه بدء عملية إعادة الأمل وانتهاء عملية عاصفة الحزم، والتي سيتم خلالها العمل على تحقيق الأهداف التالية:
1- سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن كذا والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
2-  استمرار حماية المدنيين.
3- استمرار مكافحة الارهاب.
4- الاستمرار في تيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية الطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة وإفساح المجال للجهود الدولية.
5-  التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها "بحسب نصه" وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهرّبة من الخارج.
6- إيجاد تعاون دولي لمنع وصول الأسلحة جواً وبحراً إلى الميليشيات كذا وكذا وكذا.
هذه الأهداف لعملية إعادة الأمل. طبعا هو ليس صادقا في إعلان هذه الأهداف وسأعود إليها بعد قليل.
هو ما زال هدفه الحقيقي هو الهدف الأول: السيطرة على اليمن، إخضاع اليمن، إعادة اليمن إلى الهيمنة الأمريكية والسعودية، والآن يتضح أكثر أنه إن عجز عن تحقيق إعادة الهيمنة والإخضاع سيقوم بتدمير اليمن على رأس أهله وشعبه. هذا هو الذي يجري الآن.
وتابع سماحته: على كل حال، لو عدنا إلى هذه الأهداف المعلنة لعملية إعادة الأمل، نعم هذه أهداف يستطيع أن يدعي أنها قابلة للتحقق، حسناً، هيا بنا لنقيم حواراً سياسياً. هم يدّعون أنهم يحمون المدنيين، يذهب ويقصف، وما هدف القصف؟ يقول لك حماية المدنيين، مكافحة الإرهاب، والحصار البحري والجوي لمنع وصول السلاح وهذا كان موجوداً والتصدي للتحركات وما شاكل.
إذاً عملياً، هو نزل عن نصف الشجرة، رأس الشجرة قليلاً، لقاعدتها، بدعوى أن تلك الأهداف هو يدعي أنها تحققت ولم يتحقق منها شيء، ووضع أهداف، يستطيع أن يقول إنها تتحقق أو أنه يحقق فيها إنجازات، وهذا تعبير في الحقيقة أيضاً عن الخداع الثاني، تعبير عن العجز.
الخداع الثالث: في المسار العملي لأهداف عملية إعادة الامل هو يدعي أنه يخدم هذه الأهداف، تعالوا لنرى حقيقة هل هو يخدم هذه الأهداف؟ حماية المدنيين منذ بداية عملية إعادة الأمل وحتى اليوم الغارات والقصف بكل أشكاله يستهدف البيوت والأحياء السكنية والأهداف المدنية كما كان منذ بداية الحرب.. حماية المدنيين بالمزيد من قتل المدنيين.. بل أكثر من ذلك استخدام أسلحة محرمة دولية من خلال ما كشفت عنه بعض المنظمات الدولية عن استخدام القنابل العنقودية وهي أخطر ما يكون على المدنيين ونحن في لبنان عشنا هذه التجربة وما زلنا نعاني منها بعد عدوان تموز 2006.
مكافحة الإرهاب، وهذا هدف من أهداف إعادة الأمل، مكافحة الإرهاب ما هي النتيجة؟ تقديم السلاح والذخائر للقاعدة، التحالف مع القاعدة وميليشيات هادي، توسع القاعدة وسيطرتها على مناطق لم تكن موجودة معها في السابق، وقصف الجيش اليمني واللجان الشعبية لمنع تقدمه باتجاه أماكن تتواجد فيها القاعدة، هذا بالعكس، يقومون بخلاف العناوين المدعاة.
مثلاً، تكثيف المساعدة الإغاثية. ماذا حصل حتى الآن؟ منع وصول أي مساعدة إنسانية إغاثية من أي مكان في العالم بالمطلق بل أسوأ من ذلك اللجوء إلى ضرب المطارات وخصوصا مطار صنعاء وتدمير مدرج المطار والحادثة المعروفة عندما خرقت طائرة إيرانية مدنية الأجواء اليمنية وأرادت أن تنزل في صنعاء وهي تنقل مساعدات إغاثية، قصفوا المطار حتى لا تتمكن هذه الطائرة من الهبوط. هذا ما يسمى تسهيل وتكثيف المساعدات الإغاثية.
العملية السياسية: ما قاموا به الآن هو تعقيد العملية السياسية وإبعاد الحوار السياسي، لأنه بدل من انتظار المبعوث الدولي أو الأممي حتى يأتي هو ويدعو كل الأطراف للحوار على أرض محايدة في بلد لم يشارك في العدوان على اليمن، وهذا شرط أعلنته والتزمت به القوى الإسلامية والوطنية اليمنية الرافضة للعدوان، بدل ذلك السعودية أوعزت إلى صاحبها عبد ربه منصور أن يدعو إلى مؤتمر للحوار خلال أيام ربما ب17 الحالي في الرياض. هذا يعني ماذا؟ لا يريدون لهذا الحوار أن يتشكل ولهذه الطاولة أن تتكون ولهذه العملية السياسية أن تنطلق. هذا إسمه تعقيد وتعطيل للحوار وليس دفعاً للحوار.
وأضاف: الخداع الرابع هو إيهام العالم والمجتمع الدولي أن السعودية أوقفت الحرب على اليمن. هي أعلنت وقف عاصفة الحزم وأن ما تقوم به هو عملية لها أهداف محدودة وضيقة وما شاكل. وهذا ليس فقط خداعاً، إنما هو كذب وتزوير. الحرب بعد إعادة الأمل هي هي، منذ 40 يوماً لم يتغير شيء بل ازدادت عنفاً وازدادت قسوة وازدادت بشاعة وإجراماً ولم يتغير شيء سوى العنوان والأهداف المدعاة المعلنة.
اليوم يتضح أكثر من أي وقت مضى هدف هذا العدوان، ويتضح أيضاً أن الشعب اليمني والجيش اليمني والقوى الوطنية في اليمن ترفض الخضوع والانصياع والعودة إلى زمن الهيمنة ومصرة على سيادتها وحريتها واستقلال بلدها ومواجهة العدوان. هذا واضح بعد 40 يوماً، مثلما تحدثنا قبل أسبوعين أنه لا يبدو أي علامة من علامات الانكسار. هذا ما زال قائما حتى الآن. بل بدأت هذه القوى اليمنية الجيش اليمني واللجان الشعبية والقبائل وما شاكل تأخذ شيئا من زمام المبادرة في المناطق الحدودية، وفي الوضع الميداني ما زالت تتقدم وباعتراف إعلام وفضائيات عاصفة الحزم، وإلا ما معنى أن يقوم سلاح الجو السعودي مثلا بـ 120 أو 150 غارة خلال ساعات على منطقة محددة في عدن، كل من يعرف بالعسكر يعرفون ما مدلولات هذا.
إذاً، هناك إرادة يمنية قاطعة وحاسمة بعدم الخضوع وعدم الاستسلام وعدم التراجع. هذا شأن اليمنيين وإرادة اليمنيين وقرار اليمنيين. لكن يبقى شيئ آخر، هو مسؤولية العالم ومسؤولية الدول ومسؤولية الشعوب ومنها شعوب منطقتنا أيضاً.
في مواجهة ما يقوم به هذا العدوان على المستوى الإنساني، هذا الحصار البحري والبري والجوي، منع وصول المواد الغذائية والأدوية والمواد الطبية والوقود وليس فقط منع الوصول بل منع انتقال هذه المواد الغذائية أو الطبية او الوقود داخل البلد داخل اليمن وقصف كل الأماكن التي يمكن أو يفترضون أن فيها أدوية أو قمح أو مواد غذائية أو وقود.
هذا الذي يجري الآن، المنظمات الدولية تتحدث عن وضع إنساني خطير وكبير وكارثي.. بالتأكيد هذا لن يفتّ في عضد اليمنيين. أنا أتحدث عن هذا الموضوع من باب أن على العالم أن يتحمل مسؤوليته وإلا أنا أقول لهؤلاء المعتدين إن هذه السياسة أو الاستراتيجية ـ سمّوها ما شئتم ـ والضغط على المقاومين أو المقاتلين أو أصحاب الإرادة الحرة، الضغط عليهم من خلال قتل أهلهم وقصف نسائهم وأطفالهم وتدمير بيوتهم، هذه سياسة فاشلة لم تؤدّ إلى مكان في الماضي، هذه تجربة فيتنام، "شو بدنا بفيتنام"، هذه غزة، هذا لبنان في كل حروب إسرائيل استُهدف المدنيون والناس، حوصرت غزة وما زالت محاصرة، في حرب ال33 يوماً حوصر لبنان وضرب كل شيء، ولكن هل فتّ في عضد المقاومة؟ هل أضعفها؟ هل أوهنها؟ هل فرض عليها أن تتراجع؟ كلا، على الإطلاق، بل دفعها أكثر للثبات ولصنع الانتصارات.
أنا أقول لهؤلاء المعتدين إن كلما تقومون به على المستوى الإنساني هو لن يغير من معادلة الصراع شيئاً بل سيزيد وجوهكم قبحاً وشناعة وسيزيد الشعب اليمني قناعة بعدوانيتكم وظلمكم وتجبركم وسيوحد هذا الشعب خلف أولئك الذين يقاتلون دفاعاً عن سيادته واستقلاله ووحدته وكرامته.
إذاً لا أريد أن أدخل من هذه الزاوية، وإنما من زاوية أن على العالم أن يتحمل مسؤولية على هذا الصعيد. يجب أن تعمل دول العالم، وخصوصا الدول الإسلامية والعربية على فك هذا الحصار، على إيصال المساعدات الطبية والغذئية ومستلزمات الحياة للشعب اليمني من خلال مجلس الأمن الدولي، من خلال المؤسسات الدولية، من خلال خرق الحصار بأي ثمن وبأي شكل، وهذه أيضا مسؤولية الشعوب، وأنا أدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم على هذا الصعيد، وإلا إعيد وأؤكد، رغم كل هذا الجانب الإنساني المأساوي، ما نشهده داخل اليمن المزيد من البطولة والحماسة والثبات، حتى على المستوى الشعبي والمدني، وأن هذه السياسة وهذه الاستراتيجية لم تؤد إلى هزيمة أي شعب ما دام يملك الإرادة والقيادة والتصميم والعزم والشهداء.

آخر الأخبار