فصول الـ«ريتز» مجدداً: المحرَّرون مراقَبون!

لم تنتهِ فصول «سجن الريتز» مع إخراج المعتقلين منه. كل فترة، تظهر تفاصيل جديدة تلقي الضوء على الأساليب التي اعتمدتها الحكومة السعودية، في سبيل إجبار معتقليها الأثرياء على التنازل عن مليارات الدولارات. في آخر التقارير التي تطرّقت إلى الموضوع، ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن أن «السعودية استخدمت الإكراه والتعذيب للحصول على المليارات». 

أساور حول الكاحل لرصد الحركة
الصحيفة أشارت إلى أن «رجال الأعمال الذين اعتُبروا من عمالقة الاقتصاد السعودي يرتدون، اليوم، أساور حول كواحلهم من أجل رصد تحرّكاتهم»، مضيفة أن «الأمراء الذين قادوا القوات العسكرية وظهروا على صفحات المجلّات البرّاقة يراقبهم الحرّاس... والعائلات التي هربت على الطائرات الخاصة لا يمكنها الدخول إلى حساباتها المصرفية. حتى الزوجات والأطفال ممنوعون من السفر». 
بالتالي، فمنذ إطلاق سراح محتجزي فندق «ريتز ــ كارلتون»، لم يشعر هؤلاء بأنهم أحرار، وفق الصحيفة، التي لفتت إلى أنه «بدلاً من ذلك، يعيش هؤلاء في خوف وشكّ دائمين». وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن شهود قولهم إنه «خلال أشهر الاعتقال، كان عدد كبير منهم عرضة للإكراه والتعذيب الجسدي، فيما أُدخل 17 معتقلاً على الأقل إلى المستشفيات، في الأيام الأولى، بسبب تعرّضهم للاعتداء الجسدي». 

وفاة القحطاني
تطرّقت «نيويورك تايمز» إلى حادثة وفاة أحد المعتقلين، وهو الضابط علي القحطاني، «الذي كان عنقه ملتوياً بشكل غير طبيعي، كما لو أنه كان مكسوراً، وجسده كان منتفخاً ومليئاً بالكدمات». كذلك، ظهرت على بشرته آثار تعذيب جسدي، فضلاً عن علامات حروق وآثار صدمات كهربائية. 
الجنرال قحطاني، وهو ضابط في الحرس الوطني السعودي كان في الستين من عمره، ولم يكن ثرياً، إلا أنه كان مساعداً كبيراً للأمير تركي بن عبدالله، ابن الملك الراحل عبدالله، والحاكم السابق للرياض. وكان المحقّقون يضغطون عليه من أجل الحصول على معلومات تتعلّق بمديره، أي الأمير تركي. في تشرين الثاني، نقل الجنرال قحطاني إلى مستشفى للنخبة قرب الفندق من أجل صورة أشعة، وغيرها من العلاجات، وهناك ظهرت عليه علامات التعرّض للضرب، وفقاً لأحد الأطباء. ثمّ
أعيد إلى الفندق حيث تَواصَل معه مواصلة التحقيق، وبعدها أُعلن عن وفاته في مستشفى عسكري. 

سجن «خمس نجوم»
قبل فجر الرابع من تشرين الثاني، كان الوليد بن طلال ــ أحد أشهر المستثمرين وأحد أغنياء العالم ــ نائماً في مخيّم صحراوي، حين جرى استدعاؤه لرؤية الملك سلمان، وفقاً لمساعدَين اثنين للعائلة. كان طلباً غريباً في تلك الساعة، ولكن لا يمكن تجاهل طلبات الملك، لذا عاد إلى الرياض، حيث جُرّد من حرّاسه، وهواتفه وجرى اعتقاله في الـ«ريتز». 
خلال الساعات الـ24 اللاحقة، جرت مكالمات مماثلة استدرجت أكثر من 200 شخص، بمن فيهم بعض أثرياء المملكة وأقواهم. كان من بين هؤلاء الأمير متعب بن عبدالله، وهو رئيس أحد أهم الأجهزة الأمنية الأساسية في المملكة؛ وفواز الحكير، الذي يملك وكالة «زارا» و«غاب» وغيرها؛ وصلاح كمال، وهو رجل أعمال مسن من مدينة جدة، وغيره من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين السابقين في الحكومة.
انتهى الأمر بهم في فندق الـ«ريتز»، في غرف جرت إزالة الأبواب الزجاجية الموجودة فيها وقضبان الستائر من أجل تجنّب محاولات الانتحار. كان بإمكانهم مشاهدة التلفزيون وطلب خدمة الغرف ولكن لا إنترنت أو هواتف. 
مُنع العديد منهم من الاتصال بمحاميهم، ولكن الأمير الوليد بن طلال كان يتحدث أسبوعياً مع بعض مدراء أعماله، وفق ما أشار إليه أحد مساعديه. 
أقرباء بعض المعتقلين قالوا إنهم حرموا من النوم، وعوملوا بخشونة، وكان التحقيق يجري معهم والأغطية على رؤوسهم، فيما كانت الحكومة تضغط عليهم من أجل التوقيع على تسليم بأصولهم.

آخر الأخبار