حكومة هادي «تبقّ البحصة»: رئيسنا محتجز في الرياض!

تشتدّ حدّة التجاذبات بين حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، وبين كل من السعودية والإمارات، بعدما بات واضحاً للأولى أن ثمة مسعى جدياً إلى التخلي عنها، واستبدالها بتشكيلات جديدة يجري العمل على تأهيلها. اشتدادٌ يرافقه تصاعد التوتر بين حكومة هادي وبين المكونات الموالية لأبو ظبي، في مشهد ينذر بعودة المعارك التي اندلعت في مدينة عدن أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي.

هذه السيناريوات المحتملة لا تمنع الإماراتيين من المضي في التخطيط لعمليات عسكرية على الساحل الغربي، لا يبدو إلى الآن أن التحرك الأميركي على خط الأزمة، مترافقاً مع الوعود البريطانية ببذل جهود لمعالجتها، سيحول من دون انطلاقها.
بعدما كان الحديث عن أن هادي موضوع تحت «الإقامة الجبرية» في الرياض مقتصراً على الإعلاميين والنشطاء الموالين لـ«الشرعية»، جاءت تصريحات وزير الدولة في حكومة أحمد عبيد بن دغر، صلاح الصيادي (المقيم في قصر معاشيق في مدينة عدن)، أمس، لترسم المزيد من علامات الاستفهام حول مصير الرئيس المستقيل، وتضع العلاقة بينه وبين «التحالف»، الذي يخوض الحرب منذ 3 سنوات تحت لافتة «إعادة الشرعية»، على المحك. وطالب الصيادي، في منشور على «فيسبوك»، «كل اليمنيين بالخروج والتظاهر والاعتصام من أجل عودة الرئيس هادي إلى اليمن»، محذراً من «كوارث تاريخية» في حال عدم حصول ذلك. وفي إشارة إلى أن هادي «محتجز» في الرياض، قال الصيادي إن «لبنان استعاد رئيسه (سعد الحريري) في بضعة أيام»، مضيفاً «(أننا) نحن... ما زلنا تائهين منذ 3 سنوات». وسبق لوزراء في حكومة هادي أن دعوا إلى تمكين الأخيرة من أداء مهامها في ما تسمى «العاصمة المؤقتة»، عدن، إلا أنها المرة الأولى التي يصادق فيها وزير في تلك الحكومة على القول إن الرئيس المنتهية ولايته لا يملك حرية الحركة والتصرف.
وإلى جانب الهجوم المستجد من قِبل أحد رموز «الشرعية» على السعودية، تواصل «القصف» الكلامي «الإخواني» على المملكة، مجلّياً الشعور المتصاعد لدى حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، هو الآخر، بأن ورقته تقترب من الاحتراق. ووصفت الناشطة «الإخوانية»، توكل كرمان، السعودية بأنها «عدو اليمنيين الأول»، مخاطِبةً اليمنيين بالقول إن المملكة «تعتقل سلطتكم الشرعية، وتعيد مغتربيكم، وتحاصركم جواً وبحراً وبراً، وتقصف مدنييكم، وتمضي بعيداً في تجويعكم وإفقاركم»، حاضّة إياها على «الاصطفاف بوجه عدوانها البغيض». ورأت كرمان، في تغريدات على «تويتر»، أن «مشروع السعودية والإمارات الواضح في اليمن السيطرة على سواحله وجزره ومناطقه النفطية، وتقسيمه إلى كانتونات متناحرة تتقاتل فيها الميليشيات في ما بينها».

وتأتي تصريحات الصيادي وكرمان في وقت تتواصل فيه المساعي الإماراتية إلى جمع المقاتلين، على اختلاف هوياتهم، تحت قيادة واحدة، تمهيداً لإطلاق عمليات عسكرية جديدة في الساحل الغربي. ووفقاً لآخر المعلومات، فإن قادة «ألوية العمالقة» و«المقاومة التهامية»، الذين سبق لهم رفض القتال تحت راية نجل شقيق الرئيس السابق طارق محمد عبد الله صالح، عادوا، ومعهم القائد العام لجبهة الساحل المدعو «أبو زرعة المحرمي»، إلى مواقعهم على تلك الجبهة، بعد زيارة إلى العاصمة الإماراتية التقوا خلالها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. ومن غير المستبعد أن تكون عودة هؤلاء إيذاناً بالتصعيد الذي يتم التخطيط له منذ أشهر، خصوصاً أن لا بوادر إلى أن التحركات الأميركية والبريطانية على خط الأزمة ستفضي إلى تهدئة ميدانية، تمهد الطريق لمفاوضات سياسية. إذ، وعلى الرغم من تشديد بريطانيا عقب استقبالها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة، وتعهدها بالعمل على فتح الموانئ، وعلى الرغم كذلك من أن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أعلن، أمس، أنه سيبحث خلال زيارته الحالية إلى سلطنة عُمان، ما سمّاها «الحرب الأهلية في اليمن»، إلا أنه لا يمكن حتى الساعة التعويل على التصريحات التي ينقض بعضها بعضاً.
نموذج من ذلك ما أدلى به، أمس، السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر، الذي حصر الأحداث الجارية في هذا البلد في كونها «حرباً داخلية بامتياز»، ما يعني عملياً إخراج السعودية من دائرة المسؤولية. وعليه، تصبح مهمة الأميركيين، وفقاً لتولر، «تسليط الضوء على مجالين مهمين: الإنساني والاقتصادي» (بالنظر إلى أن «الدعاية الحوثية تزعم أن كل ما حدث بسبب السعودية»)، ومطالبة «الحوثيين بتقديم تنازلات»، وعندها فقط «ستكون هناك فرصة جيدة للحل»، وإلا فإنه «لا توجد عصا سحرية أو رصاصة فضية تحل القضايا العالقة». وإذ تعتبر الولايات المتحدة - ظاهراً - الحرب في اليمن «صراعاً على السلطة بين الأطراف المختلفة»، فإنها لا تمانع في الوقت نفسه الاستمرار في استخدام «قانون قوى الحرب» (لعام 1973) ذريعة لمواصلة دعمها لعمليات «التحالف» الذي تقوده السعودية. وهو ما سيحاول مشرعون أميركيون إسقاطه اليوم، حيث من المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قرار لوقف المساندة الأميركية الاستخبارية واللوجستية لـ«التحالف العربي».
(الأخبار)

آخر الأخبار