بروس ريدل: القوة العسكرية الباكستانية بوليصة تأمين لحكم سلمان ونجله؟

رأى موقع «المونيتور» أن قرار الحكومة الباكستانية بإرسال قوات عسكرية إضافية إلى المملكة العربية السعودية، جاء بترتيب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في إطار عودة زخم العلاقات السعودية - الباكستانية.
وفي مقال جاء بعنوان: «عودة الحماية الباكستانية للمملكة العربية السعودية»، أوضح الكاتب الأمريكي بروس ريدل، أن حجم القوة الباكستانية المزمع نشرها داخل المملكة، مهامها ما تزال «غير واضحة»، شارحاً أن نشر تلك القوة يعد «إحياء لتقليد عسكري يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، يرمي إلى حماية العائلة المالكة من الأعداء في الداخل والخارج».
ولفت ريدل، إلى أن إعلان الجيش الباكستاني عزمه إرسال قوات عسكرية إضافية إلى المملكة العربية السعودية، يأتي بعد زيارتين قام بهما رئيس الأركان، الجنرال قمر جاويد باجوا، هذا العام إلى المملكة، وقد التقى خلالهما وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، الذي يعد «أبرز الداعمين والمؤيدين» لنشر القوة المذكورة، والتي ستضاف إلى زهاء ألف من المدربين والمستشارين العسكريين الباكستانيين المتواجدين على الأراضي السعودية.
هذا، وذكّر ريدل بوجود سابقة شبيهة في العلاقات السعودية - الباكستانية، حين قرر الرئيس الباكستاني السابق ضياء الحق في العام 1982، إرسال قوة عسكرية مدرعة إلى مناطق شمالي غرب المملكة، بناء على طلب الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، مشيراً إلى أن تلك القوة كانت مكلفة الاضطلاع بدور قتالي «دفاعاً عن النظام الملكي، في وجه أي من أعدائه الداخليين والخارجيين»، وقد تمركزت داخل الأراضي السعودية لأكثر من عقد من الزمن، مع تعهد الرياض بدفع كافة نفقاتها. أما عن الدور المرتقب للقوة الباكستانية العتيدة، فقد توقف الكاتب عند توضيحات إسلام آباد بأن دور تلك القوة سينحصر «داخل حدود المملكة»، و«لن تنضم إلى الحرب السعودية في اليمن».
وبالعودة إلى مجريات حرب اليمن، أعاد ريدل التذكير بـ«الضغوط الكبيرة» التي مارسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، على القيادة الباكستانية من أجل المشاركة في تلك الحرب في العام 2015. ولفت الكاتب إلى أن رفض رئيس الوزراء الباكستاني حينذاك نواز شريف، جاء بدافع «قلقه من التصورات المتسرعة لخطط الحرب» المتبعة من جانب الرياض هناك، و«عدم تفكير (السعوديين) ملياً» حيال الوضع في اليمن، إلى جانب «تشكيكه بأهداف عملية عاصفة الحزم»، ناهيك عن رغبته في تلافي إقحام بلاده في خضم «الصراع السني - الشيعي»، وما قد يرتبه ذلك من استياء الشيعة الباكستانيين في الداخل، ودولة إيران المجاورة. في هذا الإطار، وعلى الرغم من «التقدم (الميداني) المتواضع الذي يحققه السعوديون حالياً في وجه الحوثيين داخل اليمن، فقد برهن الزمن على حكمة شريف، وصحة شكوكه»، في ضوء دخول حرب اليمن حالة «المراوحة الميدانية المكلفة»، وسط «تداعيات إنسانية مهولة». وبحسب الكاتب، فإن أكثر من 95 هجمة صاروخية باتجاه أراضي المملكة العربية السعودية، «أكدت مدى خطورة الصراع الذي نشهده اليوم» على الساحة اليمنية.
وأضاف ريدل أنه «من الواضح أن الباكستانيين لا يرغبون في الانجرار إلى منازعات المملكة العربية السعودية مع جيرانها»، مشيراً إلى اجتماع الجنرال باجوا بشكل مسبق، مع السفيرين الإيراني والتركي المعتمدين لدى بلاده، من أجل إبلاغهما بشكل مباشر حيال الخطوة المتعلقة بنشر القوة الباكستانية داخل المملكة، وإعطائهما الضمانات بأن تلك القوة لن تكون تهديداً لكليهما، فضلاً عن تقارير تحدثت عن «زيارة سرية» قام بها قائد الجيش الباكستاني للدوحة، من أجل الغرض نفسه. وعلى هذا الأساس، لفت الكاتب إلى وجود معارضة داخل البرلمان الباكستاني لإيفاد قوات إلى المملكة، حيث من المقرر أن يخضع قائد الجيش الباكستاني لاستجواب حول مهام تلك القوة، من قبل برلمانيين يعتبرونها مخالفة لقرار صادر عن البرلمان قبل ثلاث سنوات.
إلى ذلك، رجّح ريدل أن تبقى مهمة القوة الباكستانية الجديدة داخل المملكة العربية السعودية، «غامضة إلى حد ما». فإذا كان السعوديون «لا يرغبون في إظهارها كإجراء إحترازي ضد أي تهديد داخلي»، فإن الباكستانيين يبدون حرصهم على أن «لا تأخذ (تلك القوة) بعداً إقليمياً»، ما قد يفسر إدراج مهمتها ضمن إطار تدريبي، كـ «غطاء آمن» لكل من الرياض وإسلام آباد. وأردف الكاتب أنه «من غير الواضح ما إذا كانت (مهمة) الوحدة العسكرية المذكورة، ستحمل صلات من أي نوع بالتحالف الإسلامي المتعدد الجنسيات لمكافحة الإرهاب»، وهو تحالف عسكري أطلقه ابن سلمان، ويرأسه رئيس الأركان الباكستاني المتقاعد راحيل شريف.
وختم ريدل مقاله بالإشارة إلى تحالف «طويل الأمد» يجمع ما بين المملكة العربية السعودية وباكستان، موضحاً أن تباينات الجانبين حيال حرب اليمن، تمثل «قطوعاً نادراً» قلما شهدته العلاقات السعودية - الباكستانية، فيما تعمل كلاً من الرياض وإسلام آباد في الوقت الراهن على «تقليص» حجم تلك التباينات. وبالنظر إلى انتقال الجنرال راحيل شريف في العام الماضي، إثر مغادرته منصبه على رأس المؤسسة العسكرية الباكستانية، للإقامة في المملكة، فقد شرح الكاتب أن «الوجود العسكري (الباكستاني) المدروس، داخل المملكة يصب في مصلحة باكستان»، فيما «يحذو العاهل السعودي، حذو أسلافه في الاستحصال على بوليصة تأمين باكستانية».

آخر الأخبار