«ناشونال انترست»: هل تلجأ السعودية إلى التعاون النووي مع كوريا الشمالية؟

على وقع مساعي المملكة العربية السعودية لتطوير برنامجها النووي الخاص بها، تساءلت مجلة «ناشونال انترست» عن الجهة، التي قد تحصل من خلالها الرياض على «المساعدة الكافية» من أجل تخصيب اليورانيوم لمفاعلاتها النووية في المستقبل، مع افتقاد الدولة الخليجية تفتقد لـ«البنية التحتية اللازمة للتخصيب» في الوقت الراهن.
ولفتت المجلة الأمريكية، إلى أن نادي الدول المصدرة للتكنولوجيا النووية، والذي يعنى بمراقبة الصادرات النووية في العالم، يلزم الدول المصدرة لتلك المواد بمبادىء توجيهية أساسية في ما يخص عمليات يعتبرها «حساسة»، و«تمس خطوطاً حمراء»، من ضمنها منع «نقل التكنولوجيا الحساسة» أو «مشاركتها» مع دول أخرى، فيما يلزم الدول المستوردة لها بشروط عدة، من بينها التوقيع على «اتفاقية منع الانتشار النووي»، والامتثال لنظام ضمانات شامل، عبر الاتفاق مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إلى جانب ضرورة التزامها بخفض مستويات تخصيب اليورانيوم، وتوفير حماية ملائمة للمنشآت النووية.
وبالحديث عن البرنامج النووي السعودي، ذكرت «ناشونال انترست»، بأن المملكة العربية السعودية، إنضمت إلى «معاهدة منع الانتشار النووي»، مشيرة إلى أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بدورها أكدت الاستخدامات السلمية للمواد النووية بحوزة الرياض، من دون أن تكون الهيئة المذكورة قادرة على تأكيد «عدم وجود أنشطة نووية غير معلنة» داخل المملكة، بسبب عدم توقيع الأخيرة على «البروتوكول الإضافي»، المعتمد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يفسح مجالاً أكبر أمام مفتشي الوكالة لزيارة المواقع النووية. 
من هذا المنطلق، استبعد تقرير «ناشونال انترست»، والذي أعده مارك هيبز، وهو كبير باحثي «برنامج السياسة النووية» في معهد «كارنيغي للسلام الدولي» أن «تبادر دولة (نووية) مسؤولة إلى الموافقة على نقل معدات تخصيب ومعالجة (اليورانيوم) إلى المملكة العربية السعودية»، قبل أن تظهر الأخيرة «سجلاً فاعلاً على صعيد منع الانتشار النووي»، بما في ذلك «الالتزام بضوابط التصدير، وآليات التحقق المتبعة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وعلى ضوء تذرع الرياض ببرنامج طهران النووي، وغياب مبادرة دولية فاعلة لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، لإطلاق مشروعها في هذا المجال، أردف أن الجهات المصدرة للتكنولوجيا النووية إلى المملكة ستأخذ إرث المنطقة من الصراعات بعين الاعتبار، بخاصة الصراع السعودي - الإيراني. 
ومع ذلك، أشار هيبز إلى الجهات المحتملة، التي قد تتعاون نووياً مع المملكة العربية السعودية. وعلى هذا الأساس، قال الكاتب إن «المصلحة المتجددة» لدى واشنطن والرياض، من أجل التعاون في هذا المجال، أعاد طرح النقاش في شأن «ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة الإصرار على المعيار الذهبي»، الذي يلزم الجانب السعودي بعدة ضوابط في تشغيل المفاعلات النووية. كذلك، عاد الكاتب إلى ذاكرة التعاون النووي بين الرياض، وإسلام آباد، والتقارير الإعلامية المتواترة و«غير المؤكدة» حول الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في تمويل البرنامج النووي لباكستان، مقابل تزويد الأخيرة للرياض بأسلحة نووية مستقبلاً، وفق «اتفاقية سرية» بينهما تعود لزهاء عقدين. وبالنظر إلى خبرة باكستان في تقنيات تخصيب اليورانيوم، وفصل البلوتونيوم، وعدم انضمامها إلى «معاهدة منع الانتشار النووي»، ذهب الكاتب إلى أن إسلام آباد غير معنية بتقييد صادراتها النووية، مشدداً على أن «فشل باكستان في حماية مقدراتها النووية في السابق، قد يشجع المملكة العربية السعودية، ودول أخرى على السعي إلى طلب دعم في مجال التخصيب، أو إعادة معالجة (اليورانيوم) من هذه الدولة في المستقبل»، بما يعنيه ذلك من إمكانية فرض عقوبات دولية على الجهة المصدرة، والمستوردة، وإن كان الجهد الدولي يتركز حالياً على ضم كل من إسلام آباد، ونيودلهي إلى معاهدة «منع الانتشار النووي».
هذا، ولفت هيبز إلى أن إمكانية فرض عقوبات دولية على كل من باكستان، والمملكة العربية السعودية في حال مخالفة الطرفين للقواعد المعمول بها في تجارة المواد النووية، وعدم رغبة بكين، وإسلام آباد في أن تكون الهند (في حال وافقت على الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي) الطرف الوحيد الملتزم بالمعاهدة، هما عاملان يلعبان دوراً في حث العاصمتين على وقف توريد «معدات نووية حساسة» إلى المملكة. من جهة أخرى، شدد الكاتب على أن إصرار واشنطن على فرض ضوابط مسبقة على النشاطات النووية السعودية، كشرط للتعاون النووي بين الجانبين، قد يأتي بنتائج عكسية على صعيد «مكافحة الإنتشار النووي». ففي حال لم توافق الرياض على ذلك الشرط، فإن ذلك «سيعني ضمناً» أن الأخيرة لم يعد لديها سوى التوجه إلى كوريا الشمالية، كـ«شريك محتمل» من أجل تطوير بنية تحتية لتخصيب اليورانيوم. من هنا، رأى الكاتب أن حث واشنطن لحليفتها الخليجية، على التوقيع على «البروتوكول الإضافي»، من دون فرض إلزامها بتقييد دورة الوقود النووي الخاصة ببرنامجها النووي في المستقبل، سيعزز وضعية الولايات المتحدة في المشاركة في جهود بناء ذلك البرنامج، ومن شأنه درء أي تداعيات قد ترتب عن التعاون النووي بين الرياض، وبيونغ يانغ. وبحسب الكاتب، فإن اتباع الولايات المتحدة للمقاربة المشار إليها، سيكون مناسباً إذا ما كانت نية السعوديين ترتبط بتلبية احتياجات بلادهم من الوقود اللازم للمفاعلات النووية، وليس اقتناء تكنولوجيا «دورة الوقود النووي» بشكل سريع.

آخر الأخبار