مواجهات عدن... تسوية لخلافات الداعمين العرب

رأى «المجلس الأطلسي» (مؤسسة بحثية) أن مدينة عدن كانت تبدو ظاهرياً البقعة الوحيدة في اليمن، التي يمكن الحديث بشأنها فيما يخص إعادة إعمار بعد النزاع، خاصة وأنه تم إعلان تحريرها من قبضة «أنصار الله» وقوات صالح منذ 22 يوليو العام 2015.
وأشار المعهد الأمريكي، إلى أنه في الوقت الذي بدا أن سكان مدينة عدن متوحدين، انتقل الآن الصراع ليكون بين «الحلفاء» في عدن، وليس على المستوى المحلي فحسب، بل أيضاً على المستوى الإقليمي، موضحاً أن الأنقسام صار مبنياً على زعم أن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي «فاسدة».
ولفت المجلس الأمريكي، إلى أن «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، هو آخر المجموعات التي ظهرت تحت مظلة «الحراك الجنوبي»، وأنه هو من قام خلال الأيام القليلة الماضية، بحسب قول المجلس الأمريكي بتطويق الإدارة المعترف بها دولياً في منطقة المعاشيق، والاستيلاء على مقاليد المدينة، باستثناء قصر الرئاسة، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من أن «المجلس الانتقالي الجنوبي»، قام بمد نفوذه في الجنوب بالقوة، لكنه في الوقت ذاته، لا زال يحجم عن إعلان أن الرئيس هادي، رئيس غير شرعي.
وأوضح «المجلس الأطلسي»، أن الانتقادات التي يوجهها «المجلس الإنتقالي» للحكومة، ليست بلا أساس، مشيراً إلى أنه وقبل أسابيع قليلة فقط، فقد الريال اليمني أكثر من 130٪ من قيمته منذ بدء الحرب في العام 2015، بالإضافة إلى عدم قدرة حكومة الرئيس هادي على إعادة الحياة إلى طبيعتها في مدينة عدن، مبيناً أن كل ذلك دفع بـ«المجلس الانتقالي» إلى عقد مؤتمر في 25 يناير الماضي، وطالب من خلاله الرئيس بإقالة رئيس الوزراء أحمد بن دغر.
وأكد المجلس الأمريكي، على أن «المجلس الإنتقالي» بات اليوم يحمل لواء «الحراك الجنوبي»، ولديه توجه واضح في سعيه إلى الانفصال في أي اتفاق مستقبلي، كما أنه يرفض أي وجود للقوى الشمالية في الجنوب، لافتاً إلى أن ذلك يأتي في وقت ترغب فيه حكومة هادي في الحفاظ على تصور أن عدن ستكون إحدى الأقاليم الفيدرالية ضمن اليمن الموحد، استناداً إلى نتائج «مؤتمر الحوار الوطني»، ورؤى بعض الأحزاب السياسية، مثل «الإصلاح» وبعض عناصر «المؤتمر الشعبي العام»، التي تؤيد تصور الحكومة بالإبقاء على اليمن موحداً.
وذهب الجلس الأمريكي إلى القول، «بينما يبقى هدف الحفاظ على وحدة اليمن هو النتيجة الأكثر تفضيلاً، نجد ما يسمى بالتحالف المدعوم عربياً يعاني من الانقسامات، وقد انخرطت عناصره في قتال بعضها البعض في الجنوب»، مبيناً أن ذلك يمكن اعتباره تسوية لخلافات الداعمين العرب بشأن مصالحهم الجيوسياسية عبر الوكلاء في اليمن، مؤكداً على أنها ليست حرب كاملة، ولكنه شدد على أنها استعراض دائم للقوة بين «المجلس الإنتقالي» والحكومة «الشرعية» على الأرض، وأكد المجلس الأمريكي، على أنه لو ترك الأمر لقدرات الحكومة وحدها من دون الدعم الدولي، لكانت قد فقدت بسهولة سيطرتها على البلاد.
واستبعد «المجلس الأطلسي»، أن ينفرط «التحالف» بين الإمارات والسعودية، بسبب صراع القوة في المناطق التي تم تحريرها، لكنه أوضح، أن كلا الدولتين لن تترددا في استخدام شركائها اليمنيين على الأرض، لتكون لهما اليد العليا هناك، مؤكداً على أن رؤية «التحالف العربي» لمستقبل اليمن، لازالت غير محسومة، وأرجع «المجلس الأطلسي» ذلك إلى سببين رئيسين، أولها، أن الإماراتيين يشعرون أنه يجب أن يكون لهم مشاركة أكبر في تقرير ما يحدث، وفي تحديد مع من تتشكل التحالفات السياسية، بعد أن استثمروا الكثير في بناء عدن وبقية المناطق، كما أنهم يبدون غير مكترثين بإلابقاء على وحدة اليمن، فيما يعود الثاني، بحسب المجلس الأمريكي، إلى أن السعودية تتبنى سردية «الأمم المتحدة»، وترغب في استئناف العملية الانتقالية التي بدأت بعد الثورة في العام 2011، وأنه عدا التصدي للوجود الإيراني واستعادة «الحكومة الشرعية» في اليمن، لا تبدو للسعودية أهداف أخرى واضحة غير الإبقاء على المسار الأممي الذي يبقي على وحدة اليمن.
وختم المجلس الأمريكي تقريره، بالتأكيد على أن هذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها اليمنيون للمجتمع الدولي، إلى أن الحكومة اليمنية تحتاج إلى كسب الاعتراف على المستوى المحلي، من الشماليين كما الجنوبيين، مشدداً على أنه إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة قادرة على تلبية المطالب الشعبية، لن تكون هناك ثقة بين المواطنين والدولة، وسيتخبط اليمن في مواجهة أزمة إنسانية غير مسبوقة، وأنه إذا لم تكن هناك حكومة على مستوى ذلك التحدي، سيظل اليمنيين يتكبدون المعاناة.
 

آخر الأخبار