أمريكا تعمّق انخراطها في الحرب: تحالف جديد لدعم الرياض!

بلهجة أكثر حدّة مما عُهد سابقاً في التصريحات الأمريكية ضد إيران بشأن اليمن، جددت الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس، اتهامها إيران بتوريد الصواريخ الباليستية إلى هذا البلد، مُعلنةً عن تشكيل «تحالف دولي للتصدي لإيران»، وذلك بعد حوالى شهر من استهداف «أنصار الله»، للمرة الأولى، مطاراً قرب العاصمة السعودية الرياض بصاروخ باليستي، فتح الباب في حينه على مساعٍ أمريكية لفرض عقوبات دولية على إيران بسبب الحرب في اليمن.
وفي مؤتمر صحافي عقدته في واشنطن، مساء الخميس، خرجت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، عن مجرد التصريح الكلامي، من خلال عرضها ما وصفته بأنه «أدلة مادية» تثبت مزاعم تزويد إيران «أنصار الله» بالصواريخ. مزاعم يرى فيها مراقبون محاولة من قبل الولايات المتحدة للتغطية على فشل حليفتها، التي شارفت حربها في اليمن على إنهاء عامها الثالث من دون تحقيق إنجازات. قالت هايلي إن ما تعرضه للصحافيين «بقايا صاروخ إيراني أطلق من اليمن نحو السعودية»، في إشارة إلى الصاروخ الذي استهدف مطار الملك خالد في الرياض أوائل نوفمبر الماضي، مدّعية أنه «أُرسل إلى الحوثيين في اليمن». وأضافت أن الصاروخ «كان يمكن أن يسفر عن مقتل مئات من المدنيين الأبرياء في السعودية»، متجاهلة عشرات التقارير الدولية التي تتهم السعودية بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية ضد اليمنيين.
وفي تعليقها على تلك الاتهامات، اعتبرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، في بيان، أن تصريحات هايلي «تهدف إلى التغطية على جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية في اليمن بالتواطؤ مع الولايات المتحدة، وصرف الانتباه الدولي والإقليمي عن العدوان على اليمنيين الذي وصل إلى طريق مسدود»، واصفة مزاعم السفيرة الأمريكية بأنها «لا أساس لها وغير مسؤولة واستفزازية ومدمرة».
تحالف دولي
تنبئ التصريحات الأمريكية الجديدة بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب ماضية في تعميق انخراطها في الحرب الدائرة في اليمن إلى جانب «التحالف» السعودي، سياسياً ولوجستياً على الأقل، وهو ما لم تخفه هيلي بإعلانها أن بلادها «ستعمل لبناء تحالف دولي للتصدي لإيران»، قائلة: «سوف ترون أننا نبني تحالفاً للتصدي بحق لإيران وما تفعله».
ومن جهة أخرى، يبدو أن واشنطن تسعى إلى حث حلفائها على إدانة إيران دولياً، بناءً على ما تزعم أنه «دعم للحوثيين بالصواريخ»، في ظل التباينات بشأن الاتفاق النووي الإيراني بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي تبدو مترددة حيال معاقبة إيران، نظراً لروابطها التجارية معها. والجدير ذكره أن هذه المساعي الأمريكية بدأت منذ الشهر الماضي، من خلال تحركات لوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، أعقبت إطلاق الصاروخ الباليستي على مطار الملك خالد في الرياض، حيث زار تيلرسون مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لبحث مجموعة من القضايا، وعلى رأسها الملف الإيراني، بزعم أن الصواريخ الباليستية اليمنية مصدرها إيران.
في ضوء ذلك، يمكن القول إن اتهامات واشنطن المتكررة لإيران، وآخرها ما ورد في تصريحات نيكي هايلي، تستبطن محاولة الإدارة الأمريكية التذرع بالصواريخ المطلقة من اليمن على السعودية لتصعيد خطواتها المضادة لبرنامج الصواريخ الباليستي الإيراني. من هنا، يمكن فهم إصرار الولايات المتحدة وحلفائها على إدانة إيران بالصواريخ الباليستية التي تستخدمها «أنصار الله» ضد المملكة، وكذلك امتداح الرئيس الأمريكي منظومة صواريخ «باتريوت» الأمريكية، بالتزامن مع إعلان السعودية اعتراض الصاروخ المطلق على مطار الملك خالد، بقوله إن «أنظمتنا اعترضته في السماء، هذا يبين كم نحن جيدون، لا أحد يصنع ما نصنع، والآن نحن نبيع ذلك للعالم أجمع».
ربما ذلك «التحايل» الأمريكي هو ما دفع بالقائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، إلى استباق كلمة هايلي في الأمم المتحدة المعلن عنها مسبقاً، بقوله إن «المنطقة ستشهد قريباً انتصاراً لجبهة المقاومة في اليمن». وأشار جعفري، الذي سبق وأكد أن الدعم الإيراني لليمن «استشاري ومعنوي»، في كلمة له في طهران اليوم، إلى أنه «تحققت على مدى العقدين الأخيرين انتصارات متلاحقة في جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط، وإن شاء الله سنشهد في المستقبل القريب انتصاراً في اليمن».
شكوك دولية
على المقلب الأممي، لم تجد الأمم المتحدة لتصريحات السفيرة الأمريكية أساساً على الأرض، إذ أعربت عن شكوكها في مزاعم هايلي بشأن الصواريخ الباليستية، مؤكدة، على لسان المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، فرحان حق، أن «لا أدلة قاطعة على مصدر الصاروخين اللذين تم إطلاقهما على السعودية من اليمن».
وتقاطع موقف الأمم المتحدة هذا مع موقف روسيا التي اعتبر سفيرها لدى اليمن، فلاديمير ديدوشكين، في حديث إلى وكالة «تاس» الروسية، أن «عجز التحالف عن رصد صاروخ يتجاوز طوله عدة أمتار أمرٌ مستحيل»، مشيراً إلى أن الأقمار الاصطناعية الأمريكية والبريطانية تساعد «التحالف العربي» في متابعة ذلك، خصوصاً «في ظل هيمنة قوات التحالف العربي على المجال الجوي والبحري لسواحل اليمن وأراضي البلاد».
على أن ما بدا أكثر إثارة للانتباه في المواقف التي تزامنت مع مؤتمر هايلي الصحافي أو أعقبته، تلك الصادرة عن الخارجية الأميركية، بشخص الوزير ريكس تيلرسون، وكذلك المتحدثة باسم الخارجية، هيذر نويرت، والتي أعادت تسليط الأضواء على وجود خلافات داخل الإدارة الأمريكية نفسها بشأن ملفات عدة، من بينها الحرب في اليمن، حيث ركزت تصريحات تيلرسون وهايلي على نقطتين: الأوضاع الانسانية والحل السياسي، بالتشديد على أن «الحل الدائم للأزمة في اليمن لن يكون قائماً على أساس عسكري، بل سياسي»، وحثّ السعودية على السماح باستمرار وصول المساعدات إلى اليمن لأسباب إنسانية.

(العربي)

آخر الأخبار