ناشونال إنترست: لهذا لن يعيش الحلف السعودي الإماراتي طويلاً!

توقفت مجلة «ناشونال إنترست» عند التكتل الناشئ بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في إطار حديثها عن آفاق تشكيل لجنة تعاون مشتركة بين الدولتين قبيل انعقاد قمة «مجلس التعاون الخليجي» الأخيرة.
فإذا كان بعض المحللين العرب والغربيين يرون في الإعلان عن اللجنة السعودية - الإماراتية المشار إليها، مؤشراً على «تصعيد كبير للأزمة مع قطر»، وتوجهاً لـ«تقوية التحالف بين الرياض وأبو ظبي»، أوضحت «ناشونال إنترست» أن احتمالات التوتر بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قائمة، في ضوء «تزايد عدد نقاط الخلاف في (ملفات) السياسة الخارجية» بينهما في الأشهر الماضية، لا سيما في اليمن، حيث تدعم كل من الرياض وأبو ظبي «وكلاء متنافسين» على الأرض هناك، وفي سوريا أيضاً، حيث تتبنى العاصمتان «مقاربتين متناقضتين» لحل الأزمة السورية.
واعتبرت «ناشونال إنترست» أن وجود «مصالح استراتيجية مشتركة» بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا يخفي حقيقة «الديناميات الجيو - سياسية» التي تعتمل داخل مجلس التعاون الخليجي، والتي تحمل دلالات على أن «التحالف بين الرياض وأبوظبي هو أضعف مما يبدو عليه»، مضيفة أن «التباين المتنامي» بين وجهتي النظر الإماراتية والسعودية حيال كيفية التعامل مع الأزمات الإقليمية «يرجح فرضية تصعيد التوتر» بين الدولتين الخليجيتين، على نحو قد يجعل من فرص التوصل إلى حلول له، أصعب من محاولات التوصل إلى حل للأزمة القطرية. فخلافاً للنزاع السعودي - القطري، ينبع الشقاق السعودي - الإماراتي من «الرؤى الاستراتيجية المتباينة والمتنافسة» لدى دوائر الرياض وأبوظبي، حيث تبرز كل منهما الاستعداد لاستخدام القوة العسكرية والمبادرات الديبلوماسية الأحادية الجانب، من أجل تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، وفق تصوراتها الخاصة، وهو ما يرجح استمرار المنافسة الاستراتيجية بين الجانبين في المستقبل المنظور.

وخاضت «ناشونال إنترست» في طبيعة الخلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. فالسياسة الخارجية للمملكة «تقوم على فهم طائفي للصراعات في الشرق الأوسط»، كما أن «السلوك الخارجي للرياض مدفوع بشكل واضح بهويته السنية»، ما يجعل من التنظيمات والجماعات المسلحة «الشيعية» الموالية لإيران ضمن خانة الأعداء الذين «يتوجب قمعهم بأي ثمن»، إذ عملت الرياض على تقديم الدعم المالي والعسكري للتنظيمات «السنية» في مناطق النزاعات والصراعات، لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. أما السياسة الخارجية الإماراتية، فهي «ترفض المقاربة الطائفية التي تنتهجها المملكة في التعامل مع أزمات الإقليم»، وقد دأبت على الدفاع عن قيم «العلمانية» في الشرق الأوسط، وعملت على تسهيل قيام «تحالفات غير أيديولوجية في مناطق النزاعات». وفي هذا الإطار، أوردت المجلة حديث نيل كليام، الخبير في الشؤون الخليجية في معهد «تشاتام هاوس»، حين اعتبر أن صناع القرار في الإمارات العربية المتحدة يرون في الجماعات الإسلاموية المتطرفة «تهديداً أكبر» من التهديد الذي تمثله طهران، ما يفسر تبنيهم لـ«نهج أكثر دقة» تجاه الأخيرة، قياساً بنظرائهم السعوديين.
وفي إطار الكلام عن اختلاف الرياض وأبوظبي في تشخيص التهديدات الإقليمية، بالنظر إلى أن الأولى تتبنى «أجندة سنية»، فيما تتولى الأخرى «أجندة علمانية»، قدمت المجلة اليمن، كمثال، زاعمة أن السعودية نظرت إلى قيام «حكومة شيعية في اليمن» بوصفه «تهديداً مباشراً لأمنها القومي»، فيما لا تتورع أبوظبي عن دعم أطراف «شيعية» محسوبة على إيران، طالما أن ذلك يخدم جهود تعزيز الاستقرار في اليمن، وفي الوقت عينه، ترفض تدخلات طهران المزعزعة للاستقرار في دول الشرق الأوسط، موضحة أن الخلافات الإماراتية السعودية على الساحة اليمنية تتمحور حول ماهية التهديد الذي تمثله الجماعات والشخصيات «الشيعية»، التنظيمات الدينية المتطرفة، إلى جانب الخلاف على تحديد الطرف الذي يمثل «الشرعية السياسية» في اليمن. وذهبت المجلة إلى أن المملكة العربية السعودية ترى في الرئيس عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي للبلاد، وفي حزب «الإصلاح»، «طرفاً سياسياً شرعياً»، يفيدها في المعركة مع «المتمردين الحوثيين»، في حين لا تشاطر الإمارات العربية المتحدة جارتها الخليجية الرأي، بحيث ركزت جهودها على «الحد من تأثير الجماعات الشيعية والسنية (المتطرفة) على حد سواء»، إذ ساعدت الرياض ضد «الحوثيين» من خلال نشر قوات تابعة لها في جنوب اليمن، ووقفت إلى جانب الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في مواجهته العسكرية ضد «حزب الإصلاح».
وشرحت المجلة أن الرغبة التي تبديها الإمارات العربية المتحدة لاستخدام القوة ضد ميليشيات «حزب الإصلاح»، المدعومة سعودياً، «يؤكد التزامها دعم القوى العلمانية في اليمن» بمعزل عن انتماءاتها الطائفية، لافتة إلى أن رهان أبوظبي في الفترة الماضية على إعادة الرئيس صالح إلى السلطة في البلاد، انطوى على رغبتها في «إعادة ترسيخ (نظام) سلطوي علماني» يعيد الاستقرار إلى ربوع اليمن الذي مزقته الحرب. أما وقد قتل صالح، فقد رجحت المجلة أن تعمل الحكومة الإماراتية في الفترة المقبلة على البحث عن «زعيم شيعي معتدل جديد»، لدعمه بما يخدم جهود التوصل إلى «تسوية سياسية» للنزاع اليمني، على حد تعبير المجلة.
ونبهت المجلة من أن لجوء المملكة العربية السعودية إلى «توظيف مقتل صالح، من قبل المقاتلين الحوثيين، من أجل تشريع مواصلة حملة القصف العشوائي ضد شيعة اليمن»، قد يجعل الخلاف بين «براغماتية الإمارات»، و«طائفية السعودية» أكثر بروزاً في الأشهر القادمة، وفق المجلة.
إلى ذلك، لفتت «ناشونال إنترست» إلى اختلاف رؤى كل من الرياض وأبوظبي حيال الأزمة السورية، شارحة أن الهدف السعودي يتركز على «احتواء النفوذ الإيراني» في سوريا، فيما تولي الإمارات العربية المتحدة اهتماماً باستعادة الاستقرار في البلاد، في ظل «نظام علماني»، ضمن إطار تفاوضي يشمل الرئيس الحالي بشار الأسد، إلى جانب شخصيات سورية «سنية» معارضة، والفصائل الكردية المقاتلة.

آخر الأخبار