ذا غارديان: مغامرة محمد بن سلمان

قالت صحيفة «ذا غارديان» إن القرار الملكي السعودي القاضي باعتقال 11 أميراً، و4 وزراء حاليين، إلى جانب العشرات من الوزراء السابقين، يدلل على أن ولي العهد محمد بن سلمان يستعجل الأمور داخل السعودية، وينحو باتجاه المغامرة بشكل قلما شهدته منطقة الشرق الأوسط، لافتة إلى أن ترددات وأصداء حملة الاعتقالات هي في طور البدء.
وشرحت «ذا غارديان» أن اعتقال شخصيات مهمة، مثل الأمير الوليد بن طلال، يشي بأن ولي العهد السعودي عازم على مواجهة أكبر الشخصيات النافذة داخل المملكة، في سبيل تحقيق أجندته الإصلاحية، وترسيخ سلطته، فيما يبقى السؤال يتمحور حول ما إذا كان الملك المقبل للسعودية، من الناحية النظرية، يظهر كل هذا العزم والنضج، بغية تأسيس سعودية «جديدة» و«قابلة للحياة».
وبحسب الصحيفة، فإن بن سلمان قد يبرر حملته ضد عدد من الأمراء والوزراء، والنافذين، تحت شعار «القضاء على الفساد»، إلا أن ثمة من يعتقد بأن حملة الاعتقالات، وما رافقها من إقالات لعدد من الوزراء والأمراء، لا تعد قراراً مستقلاً صادراً عن هيئة لمكافحة الفساد تم تأسيسها قبل ساعات قليلة من الحملة، بقدر ما ينظر إليها على أنها تعديلات هيكلية ووزارية أوسع، ترمي إلى تركيز السلطات الأمنية كافة بيد ولي العهد.
وإذا كان مسار الإصلاحات في المملكة العربية السعودية قد انطلق بوتيرة متسارعة، وحابسة للأنفاس، منذ إطاحة بن سلمان بولي العهد السابق، محمد بن نايف، في يونيو الماضي، فإن خطوات ولي العهد السعودي الجديد، السريعة، وغير القابلة للتنبؤ، والتي تعد حملة «التطهير» الأخيرة أحد آخر فصولها، تعكس نمطاً سلوكياً لا يساعد في طمأنة المستثمرين الدوليين، على نحو ما ذهبت إليه «ذا غارديان». وعلى الصعيد الخارجي، أشارت الصحيفة إلى أن نهج بن سلمان لم يكن أقل اندفاعاً، حيث أبرز عزمه على «كبح جماح إيران الشيعية»، و«تهميش غريمها الإقليمي السني: قطر»، وصولاً إلى استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، التي جاءت بضغوط من ولي العهد السعودي، بغية «عزل حزب الله»، إضافة إلى ما تبذله الرياض لدى المعارضة السورية من أجل إجهاض مساعي روسيا لوقف الحرب الأهلية في سوريا، في مؤشر على «التحالف القلق» الذي يجمع بين موسكو والرياض.
وأوضحت «ذا غارديان» أن قرار السلطات السعودية منح المرأة حق قيادة السيارة، إلى جانب سماحها بافتتاح دور السينما، على وقع تقليص صلاحيات رجال الدين في خضم «ثورة ثقافية واجتماعية» تشهدها المملكة، يستلهم «النموذج الإماراتي»، لافتة إلى «تناقض» بين إعلان الرياض عن مشروعها لإنشاء مدينة جديدة (مشروع «نيوم»)، واحتجازها لأبرز الوجوه الاقتصادية التي حضرت فعاليات الإعلان عن هذا المشروع داخل فندق «ريتز كارلتون»، حيث تم سحب هواتفهم منهم، ومنع زيارات المحامين إليهم.
ختاماً، رأت الصحيفة البريطانية أن الاعتقالات الأخيرة داخل المملكة، تبرز كعلامة على أن ولي العهد السعودي على علم بوجود معارضة لأجندته، وبأنه على دراية بأن القطاعات الشعبية المثقفة، والمتحررة، تريد أن تمضي الإصلاحات بوتيرة أسرع، وبأنه مقتنع بضرورة تنحية المعارضين للتغيير جانباً.

آخر الأخبار