إيكونوميست: ديكتاتوريو العرب يروجون للعلمانية خدمة لمصالحهم

تحظى ميول العلمانية بدعم من الحكام الشموليين الديكتاتوريون العرب، الذين يتصرفون مثل ديكتاتور تركيا في القرن العشرين «مصطفى كمال أتاتورك»، الذي ألغى الخلافة والشريعة ومنع الزي التقليدي، في وقت كان يقوم فيه بتقوية مواقعه.

جاء ذلك، في العدد الأخير من مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، في عددها الأخير، حيث أشارت إلى أن الديكتاتوريين العرب هم الذين يدفعون باتجاه العلمنة خدمة لمصالحهم باستخدام مزاعم «الحرب على الإسلاميين».

ودللت المجلة، على حديثها بالقول إن «أهم نزعة للعلمنة هي ما يجري في السعودية».

وقالت المجلة إن الدعوة للتعددية والانفتاح تأتي بدون السماح للمواطنين بممارسة الحرية السياسية ولا حتى تمثيل حقيقي، وأحياناً تأتي على حساب حرية التعبير وسجن المعارضين، بحسب ما نقلت عنها صحيفة «القدس العربي».

وأضافت المجلة أن الاستطلاعات تظهر «تراجعا في معدلات التدين بالمنطقة»، لافتة إلى «أن الشباب الذين دعموا الإسلاميين في ذروة الربيع العربي، شعروا بالخيبة نتيجة لأدائهم السيئ وغيروا مواقفهم».

وقالت إنه في بعض البلدان، لا يستمع السكان لقراءة القرآن، مقارنة مع عام 2011.

وأصبحت المساواة بين الجنسين في التعليم وأماكن العمل والتي عادة ما وقفت أمامها التقاليد الإسلامية مقبولة.

ونقلت المجلة، عن «مايكل روبنسون»، الذي يدير مركز «أراب باروميتر» لاستطلاع الرأي، إن «المجتمع هو الذي يدفع باتجاه التغيير».

بينما قالت المجلة، إن قادة المنطقة بدأوا يتقبلون هذا التغير، لخدمة مصالحهم، مضيفة: «من حاول التعاون مع الإسلاميين بدأوا ينظرون إليهم كأكبر تهديد على حكمهم، ومن خلال الحد من تأثير علماء الدين يحاولون تخفيف رقابتهم على السلطة».

    السعودية و«بن سلمان»

وتشير المجلة إلى أن أكثر التطورات المثيرة، وإن كانت في بدايتها، هي التحولات في السعودية، حيث قام ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» بالحد من سلطة الشرطة الدينية وعزل آلاف الأئمة، وأعلن عن مركز للاعتدال من أجل تمحيص النصوص، ورفض المزيف منها، وسيسمح للمرأة قريبًا بقيادة السيارة، وحضور المباريات في الملاعب الرياضية، وشجعت الدولة النساء على دخول سوق العمل.

وأعلن «بن سلمان» عن بناء مدينة جديدة «نيوم»، والتي صممت على ما يبدو لتكون مثل دبي.

وفي الأفلام الترويجية لمدينة المستقبل، ظهرت المرأة بدون حجاب.

ونقلت المجلة، عن «بن سلمان» قوله، إن السعودية تعود للوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل الثورة الإيرانية.

ومن خلال أجندة الحداثة يقوم بها «بن سلمان»، بتقليل قوة التحالف القديم الذي عملته عائلته منذ 250 عاماً مع مشايخ الوهابية، الذين فرضوا تفسيراً محافظاً للإسلام وبدوا كمن يحكم البلاد إلى جانب العائلة.

وتعرض المشايخ الذين لم يدعموا الإصلاحات للتكميم والسجن.

وتم اعتقال العشرات من الشخصيات العامة بمن فيهم ليبراليون ممن انتقدوا سياسات الأمير الشاب.

    مجتمعات علمانية

وبحسب المجلة، فإن عدداً من القادة العرب، مهتمون ببناء «مجتمعات علمانية منفتحة»، رغم أن إصلاحاتهم هذه لا تشمل المجال السياسي.

وأشارت المجلة، إلى الإمارات العربية المتحدة، التي خففت أولاً القيود الدينية والاجتماعية في الوقت الذي قادت فيه حملة إقليمية ضد الحركات الإسلامية.

ولفتت إلى أن ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات الشيخ «محمد بن زايد»، قام بالتوازي مع حربه ضد الإسلاميين، ببناء الجامعات الغربية وقاعات الفن.

ورغم تبنيه التعددية إلا أن القيود المشددة على المواطنة لا تزال موجودة.

وفي مصر لم يحظر الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، جماعة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلامية بالمنطقة فقط، بل وانتقد «عدم تسامح» الأزهر، وأغلق العديد من المساجد، ومنع المصريين من ذبح الأضاحي في بيوتهم أثناء العيد بدون رخصة، وحظر الشواطئ المخصصة للمحجبات، حتى علق مسؤول مصري قائلاً: «أصبحنا مثل الأوروبيين».

وأشارت إلى ما قاله إمام من مدينة المنصورة (دلتا نيل مصر/شمال)، إنه يكون مسرورا لو امتلأ نصف الجامع يوم الجمعة.

وفي القاهرة، قالت المجلة إن النساء تجلسن في المقاهي يدخن الشيشة علانية، فيما تقدم بعض المؤسسات الكحول «المحرم تناوله في الإسلام».

وتراجع في مصر دعم تطبيق الشريعة من 84% في عام 2011 إلى 34% عام 2016، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى تزايد في نسب الذين لا يصلون.

وفي المقابل، يقوم «السيسي» بتغذية النقد ضد الحركات الدينية، وفي الوقت يمنع حتى السخرية غير المباشرة لحكمه، ومنع مئات الصحف والمواقع على الإنترنت، وأسكت الفنانين والموسيقيين الذين قد يشجعون على المعارضة.

    حامض حلو

وترى المجلة أن النزعة نحو الاعتدال ليست واسعة الاعتدال في كل أنحاء العالم العربي، فاستطلاعات الرأي في دول أخرى مثل الجزائر والأردن وفلسطين تظهر دعماً للشريعة وتعاطفاً مع الحركات الإسلامية وهي في تزايد ومتنامية.

وأشارت المجلة، إلى أن التغيرات الحالية هي بمثابة «حامض حلو» لليبراليين الذين يريدون تحولات سياسية أوسع.

    مصالح

وفي الوقت الذي يعبر فيه بعض العرب عن استعداد للتخلي عن حقوقهم السياسية مقابل الحريات الفردية إلا أن العلمنة قد تستمر طالما ظل الديكتاتوريون يدفعون بالخطة حتى لم يمضوا إلى المدى الذي يريده الناشطون.

يشار إلى أنه في يونيو/حزيران الماضي، قال سفير الإمارات لدى واشنطن «يوسف العتيبة» في مقابلة على قناة «PBS» الأمريكية، نشرت السفارة الإماراتية لدى واشنطن مقاطع منها: «إن سألت الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين ما هو الشرق الأوسط الذي يريدون رؤيته بعد 10 سنوات من الآن، فسيكون متعارضاً في الأساس لما أعتقد أن قطر تريد رؤيته بعد 10 سنوات من الآن. ما نريد أن نراه هو حكومات علمانية مستقرة مزدهرة وقوية».

(الخليج الجديد / القدس العربي)

 

آخر الأخبار