خارطة الحل الجديدة: الرياض وواشنطن تتخليان عن الحديدة... وهادي

يبدو أن المجتمع الدولي والإقليمي، وهو يبحث عن حل جديد في اليمن، سيضع هذه المرة في حسبانه أسباب فشل المقترحات والمبادرات السابقة، بدءاً من جنيف، حتى آخر مبادرة، والتي تمحورت حول ملف ميناء الحديدة، إضافة إلى ذلك التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة، وأبرزها تلك التي جرت وتجري في عدن، وبعض مناطق جنوب البلاد.
وفي الوقت الذي كشف فيه السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، الإثنين الماضي، عن اجتماع مرتقب لسفراء الدول الكبرى مع المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لبحث إحياء مشاورات السلام المتعثرة منذ أكثر من عام. كشفت مصادر سياسية في الرياض لـ«العربي» عن مضمون هذا التحرك الجديد، والتي قالت إن أساسه «خروج مشرف للقادة الحاليين، وذلك عبر العودة إلى المبادرة التي تم طرحها في الكويت، والتي تقترح نقل صلاحيات الرئيس عبد ربه منصور هادي، لنائب توافقي، ومن ثم يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، يلي ذلك الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، في غضون ثلاثة أشهر».
وأكدت المصادر السياسية، التي التقت السفير الأمريكي، بعد يوم واحد من لقائه بوزير الخارجية عبد الملك المخلافي، في الرياض، أن «السفير الأمريكي أكد لهم أن المقترح الأممي الأخير الذي يقترح تسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث وما إلى ذلك من مقترحات أخرى، ليست ممكنة وطرحها مرة أخرى أمر غير مجد».
وأضافت المصادر أن «السفير أوضح أن الخيار الأفضل، والأقرب ربما، والذي سيتم تدارسه والترتيب له الآن، سيتضمن العودة إلى المبادرة التي طرحت في الكويت، وأساسها الخروج المشرف للقيادة الحالية، ومن المتوقع أن تتم إضافة بعض التعديلات والمقترحات على ضوء التطورات الأخيرة التي دخلت بها اليمن، حتى نستطيع أن نقرب بين وجهات النظر اليمنية ونجمع الأطراف على طاولة واحدة».
وطبقاً للمصادر، فإن «ضغوطات سياسية كبيرة تمارس على الشرعية الآن من أجل تقديم تنازلات على نحو يدفع بهذه الجهود السياسية والدبلوماسية إلى إيجاد أرضية سياسية سوية، وذلك لإنجاز تسوية سياسية ناجحة».
وكان السفير تولر، في خلال لقائه بوزير الخارجية في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، عبد الملك المخلافي، قال إن الاجتماع المرتقب سيبحث «بلورة آلية جديدة لإحياء المشاورات السياسية في اليمن»، من دون الكشف عن موعده أو الدولة التي ستحتضنه.
وجدد السفير الأمريكي التزام بلاده «تقديم الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني، وبذل الجهود للتوصل لحل سلمي للوضع في اليمن».
ومن خلال ما دار من حديث ونقاش مع السفير الأمريكي، تؤكد المصادر السياسية في الرياض لـ«العربي» أن «الانطباع الذي خرجت به هو عدم التعويل على شرعية الرئيس هادي، وأنها تقيم موقفها ودورها من زاوية الضعف، وأن المجتمع الدولي يبدو صار مقتنعاً تماماً بمسألة تقديم تنازلات من قبلها، وكل المؤشرات تسير إلى أن هذا الطرح الآن هو ما سيتم وضعه أمام القادة في الشرعية، سواء أمام الرئيس هادي أو وزير خارجية حكومته عبد الملك المخلافي».
من جهته، جدد المخلافي موقفه من أن استمرار الوضع على ما هو عليه «يصب في صالح القوى الانقلابية التي لا تقيم وزناً للشرعية الدولية، ولا لقرارات الأمم المتحدة».
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أعلن، الثلاثاء الماضي، أنه «بصدد مناقشة اقتراح يتضمن مبادرة إنسانية لإعادة بناء الثقة والخطوات اللازمة لإعادة طرفي النزاع اليمني إلى طاولة المفاوضات».
وذكر ولد الشيخ، في إحاطة بشأن اليمن للدورة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي، أنه سيناقش تفاصيل الاقتراح مع حكومة هادي وتحالف صنعاء، لافتاً إلى أن التحالف الأخير التزم بالمشاركة في مناقشة أخرى بشأن تفاصيل الاقتراح.
وفي تصريحات له، أكد الوزير المخلافي، اليوم الخميس، أن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، سيصل إلى الرياض السبت المقبل، وذلك للقاء بالرئيس هادي، واللقاء بالجانب السعودي.
وبحسب المخلافي، فإن ولد الشيخ، سيجتمع بسفراء الدول الكبرى على هامش هذه الزيارة، ومن المتوقع أن يلتقي بهم بحضور الجانب السعودي، وذلك من أجل مناقشة استئناف المفاوضات، مشيراً إلى أنهم في «الحكومة الشرعية» ليس لديهم حتى الآن أي بلاغ بشأن المقترحات، أو بتفاصيل الخطة الجديدة.
وكان أعضاء مجلس الأمن الدولي دعوا أطراف النزاع اليمني إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، وأكدوا ضرورة التزامها بمقتضيات القانون الإنساني الدولي، والانخراط مع مبعوث الأمم المتحدة بشكل إيجابي للتوصل إلى سلام شامل في اليمن.


روسيا على الخط
تفيد معلومات، وإلى جانبها عديد من المعطيات، بأن روسيا هذه المرة ستلعب الدور الأكبر في إنعاش المفاوضات اليمنية، التي كان مصيرها التعثر أكثر من مرة، إذ إن موسكو تعتبر الآن الدولة الأكثر قبولاً، خصوصا لدى أطراف صنعاء.
ومنذ تصاعد الحرب في اليمن، أغلقت أغلب البعثات الدبلوماسية أبوابها في صنعاء، وبقيت السفارة الروسية كإحدى السفارات المعتبرة عاملة حتى اليوم، بما جعل الروس الأكثر حضوراً دبلوماسياً في صنعاء. وتتواصل السفارة مع مختلف الأطراف، وسبق أن زار علي عبد الله صالح السفارة، مرة على الأقل، أثناء الحرب.
الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أكد الثلاثاء الماضي، أنه تلقى دعوة روسية لحضور مؤتمر دولي في العاصمة موسكو. وجاء تصريح صالح في خلال مقابلة أجرتها معه قناة «اليمن اليوم»، عقب قيام فريق طبي روسي بإجراء عملية له في العاصمة صنعاء.
وأشار صالح إلى أن الدعوة الروسية الموجهة له مقدمة من أحد المعاهد، لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة لمناقشة محورين: أولهما يتعلق بالإرهاب وكيفية مواجهته، والثاني مكرس للبحث عن طرق خروج اليمن من أزمته الحالية.
وأضاف أنه يدرس إمكانية تلبية هذه الدعوة، ما يعني أنه قد يوافق على السفر إلى موسكو، بعد أن رفض مغادرة البلاد في الماضي لتلقي العلاج. ويشير إلى أن وصول الفريق الروسي إلى صنعاء جاء بناء على تنسيق روسي مع الأمم المتحدة منذ أكثر من سنة، رغم العرقلة من غرفة عمليات «التحالف» في الرياض، حسب قوله.
بعض المراقبين اعتبروا تصريح صالح مؤشراً يعزز التسريبات التي تتحدث عن تفاهمات غير معلنة بين صالح والسعودية والإمارات، بما يجعل الخروج من اليمن، إذا ما حصل، وفق هذا التفسير، شرطاً محتملاً لخصومه بخروجه من البلاد، أو اعتزال العمل السياسي، كأحد مقتضيات تسوية سياسية في اليمن.
مع ذلك، تؤكد مصادر سياسية مقربة من «أنصار الله»، لـ«العربي»، أن خروج صالح مستبعد، ولا يمكن أن يقدم عليه الرجل إلا إذا قرر الخروج من الحياة السياسية، وتعلق المصادر على احتمال سفر الرجل إلى موسكو بالقول: «من يخرج من اليمن لا يعود إليه».

(معاذ منصر - العربي)

آخر الأخبار