خاص | همسة في أذن المقاومين باليمن

ألا تكفي الأزمة الخليجية بين المعسكر الذي تقوده السعودية وقطر، عبرة وعظة ومثالاً لكل حكام الجوار الخليجي وشبه الجزيرة العربية؟
فهي دليل راسخ على الهيمنة السعودية وطبيعة العلاقة التي تبتغيها مع الجوار والتي مفادها اما التبعية واما العداء!
وللتبعية درجات تتفاوت بين التماهي مع السياسات السعودية وصولا الى الاملاءات، كما للعداء درجات تتفاوت بين المضايقات وصولا للحصار والعدوان.


وفي الشأن اليمني فإن وصول العداء لمنتهاه ودرجاته القصوى وتخطي كل الاسقف الحمراء الدولية والقانونية ناهيك عن الاخلاقية، لا يعني الا ان السعودية تريد من اليمن الدرجة القصوى من التبعية، وقد عبرت عن ذلك بوصفها لليمن العريق صاحب الحضارة الكبرى بانها الفناء الخلفي للسعودية!


قبل العدوان بايام، وصل عادل الجبير إلى البيت الأبيض فى مارس 2015 للحصول على تأييد الرئيس أوباما لحرب جديدة فى الشرق الأوسط.
وكشفت التقارير الغربية ان الجبير قال للمستشارين الكبار في ادارة أوباما إن إيران انتقلت إلى الفناء الخلفي للمملكة العربية السعودية، وكانت تساعد المتمردين في اليمن الذين اجتاحوا عاصمة البلاد ويحاولون إنشاء مواقع للقذائف التي تستطيع اصابة المدن السعودية. وكانت السعودية وجيرانها في الخليج العربي مستعدين لبدء حملة لدعم الحكومة اليمنية المتعثرة - وهو هجوم قال جبير انه يمكن ان يكون سريعا نسبيا.


وكشف كل من مارك مازيتي وايريك شميت في نيويورك تايمز العام الماضي أن سلسلة من المكالمات الهاتفية بين أوباما والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، كانت تصطدم بالعلاقات المتوترة  ساعدت في خريف 2015 الماضي على اعطاء 6000 ذخيرة إضافية من الولايات المتحدة إلى التحالف ، واثمرت عن موافقة وزارة الخارجية على قنبلة دقيقة بقيمة 1.29 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية.


وتتخبط امريكا في سياساتها باليمن، فبينما كان مسؤولو المخابرات الأمريكية يعتقدون منذ فترة طويلة أن السعوديين بالغوا في مدى الدعم الإيراني للحوثيين،. الا ان مساعدي الرئيس أوباما اعتقدوا أن السعوديين رأوا حملة عسكرية في اليمن يمكن ان تكون رسالة صعبة لإيران.
وقال فيليب جوردون، وهو مسؤول كبير في البيت الأبيض في ذلك الوقت"إن هدفهم الرئيسي هو إعطاء إيران أنف دموية".


الا ان ما حسم الامر وفقا لتقارير امريكية هو ان البيت الأبيض كان بحاجة إلى استرضاء السعوديين حيث أنجزت الإدارة اتفاقا نوويا مع إيران، وهو العدو السعودي. وهذه المقاربة تغلبت على مخاوف العديد من مستشاري الرئيس بأن الهجوم الذي تقوده السعودية سيكون طويلا ودمويا وغير حاسم.


ومن مجمل المتابعات والتقارير يمكن استخلاص ان التورط الامريكي في الدماء اليمنية كبير، والحملة الجوية بقيادة السعودية بأكملها، المسؤولة عن معظم الإصابات في صفوف المدنيين في اليمن، تعتمد اعتمادا كبيرا على الدعم الأمريكي، وفقا لما ذكره السناتور الأمريكي كريس ميرفي، حيث تقدم الولايات المتحدة للقوات السعودية والإماراتية، دعم التزود بالوقود الجوي، والأسلحة، والمعلومات الاستخباراتية بشأن الأهداف.


ناهيك عن الدعم الاسرائيلي وربما له حديث اخر، لاننا هنا نركز على الدعم الامريكي والاعتراضات الداخلية الامريكية على عبثية العدوان على اليمن وعدم جني اية ثمار بل على العكس التورط في جرائم حرب قد ترتد على امريكا ذاتها وليس فقط المشاركين بالعدوان وقد ترفع ضد امريكا العديد من الدعاوى الجنائية  في هذا الشأن.


من هذه المقدمات، وباختصار شديد، مانريد قوله شيئان:
 الاول: ان من يراهن على الاستسلام او التسويات على ارضية مذلة ينبغي ان يضع قطر امام عينيه، فهي برغم ثرائها وعلاقاتها الدولية المتشابكة، لا ترضى السعودية الا ان تكون تابعة لها والا فالحصار وربما الحرب، وبالتالي فان اي تسوية مذلة ستكون بمثابة انتحار ناهيك عن اهدارها للتضحيات.


الثاني: هو وجوب الضغط على امريكا بكل وسيلة متاحة لاستثمار الخلاف الداخلي والعمل بنشاط داخل امريكا ذاتها عبر تظاهرات لتجمعات يمنية لابراز المظلومية ووصولها للرأي العام الامريكي المغيب عن الحقائق وكذلك التواصل مع منظمات انسانية واعضاء بالكونجرس معارضين للعدوان.


ولن نقول هنا ان اي مؤسسات او لجان بالكونجرس او اي سيناتور سيكونون متعاطفين بالضرورة مع اليمن او مضادين للسياسة الاستعمارية الامريكية، ولكن هناك ربما اهداف سياسية تنافسية لابد من استغلالها، كما ينبغي النشاط في طرق ابواب المحاكم الدولية والبحث عن صيغ قانونية.


نعلم ان العالم لا يعترف سوى بالقوة وما تفرضه من شرعية، وعليه فان قوة المقاومة اليمنية وصلابتها ستنتزع الشرعية بما فيها الشرعية الدولية التي لا تعترف الا باثنين، القوي والتابع، وقد خرج اليمنيون الاحرار بتضحياتهم وبطولاتهم من ملعب التبعية وهم الان في موقع القوة وعليهم الصمود فالنصر صبر ساعة.

 

راصد اليمن - خاص | 

إيهاب شوقي - صحافي مصري

 

آخر الأخبار